إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد المحسن العباد
  5. سلسلة شرح سنن النسائي
  6. كتاب الأشربة
  7. شرح سنن النسائي - كتاب الأشربة - (باب تفسير البتع والمزر) إلى (باب النهي عن نبيذ الجر)

شرح سنن النسائي - كتاب الأشربة - (باب تفسير البتع والمزر) إلى (باب النهي عن نبيذ الجر)للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يحل وما يحرم، ومن جملة ما بينه البتع والمزر والجعة وهي أنواع من الشراب، وحذرنا من كل شراب مسكر سواء قليله أو كثيره، ودلنا على الأوعية التي لا يجوز الانتباذ بها.

    شرح حديث: (... لا تشرب مسكراً فإني حرمت كل مسكر)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [تفسير البتع والمزر.

    أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن الأجلح حدثني أبو بكر بن أبي موسى عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: ( بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليمن، فقلت: يا رسول الله! إن بها أشربة، فما أشرب وما أدع؟ قال: وما هي؟ قلت: البتع والمزر، قال: وما البتع والمزر؟ قلت: أما البتع: فنبيذ العسل، وأما المزر فنبيذ الذرة، فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تشرب مسكراً، فإني حرمت كل مسكر )].

    يقول النسائي رحمه الله: تفسير البتع والمزر.

    البتع والمزر هما: اسمان لأشربة معروفة في اليمن، وقد جاء تفسيرها في كلام أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، ( حيث سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشربة في اليمن، وكان قد بعثه إلى اليمن، فقال: إن بها أشربة فما أشرب وما أدع، قال: وما هذه الأشربة، فذكر منها البتع والمزر، فقال: ما البتع وما المزر؟ فقال: أما البتع فهو نبيذ العسل، وأما المزر فهو، نبيذ الذرة، فقال عليه الصلاة والسلام: لا تشرب مسكراً، فإني حرمت كل مسكر ).

    هذا الحديث فيه تفسير البتع والمزر ببيان أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، لتلك الأسماء التي كانت في اليمن لتلك الأشربة المعينة، ولما سأل أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأشربة التي منها البتع والمزر قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: (وما البتع وما المزر؟) ففسر ذلك وبينه له على ما هو متعارف عليه ومعروف في اليمن، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تشرب مسكراً، فإني حرمت كل مسكر).

    ففي سؤاله صلى الله عليه وسلم عن البتع والمزر، دليل للقاعدة المشهورة التي يقولون فيها: الحكم على الشيء فرع عن تصوره؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل عن البتع والمزر، وهو لا يعلم ما البتع وما المزر، فبين اصطلاحهم به، وأن المقصود به: نبيذ العسل ونبيذ الذرة، فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل: هو حلال أو حرام، بل أناط الحكم بالإسكار، فما كان مسكراً منه ومن غيره فهو حرام، وما كان غير مسكر منه ومن غيره فهو حلال، فأعطى حكماً عاماً، وحداً فاصلاً، بما يحل وما يحرم، وهو أن ما أسكر، فإنه يحرم سواء كان من هذين النوعين أو من غيرهما، وما لم يسكر فإنه لا يحرم، سواء كان من هذين النوعين أو من غيرهما. ولهذا جاء في بعض الأحاديث التي سبق أن مرت أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما سأله هو أو معاذ قال: ( اشرب ولا تشرب مسكراً )، اشرب الحلال واترك الحرام، اشرب ما لا يسكر، واترك ما يسكر.

    فإذاً: الرسول صلى الله عليه وسلم أولاً سأل عن هذه الأسماء أو هذه المسميات المقصود بها، ولما بين له أنها أنبذة تكون من العسل ومن الذرة ما قال: هي حلال أو حرام؛ لأن منها ما يكون حلالاً حيث لم يصل إلى حد الإسكار، ومنها ما يكون حراماً حيث يصل إلى حد الإسكار، فالنبي صلى الله عليه وسلم أتى بالقاعدة العامة التي هي بيان التحريم لكل مسكر منها أو من غيرها، يعني: وما لم يسكر فإنه يكون حلالاً منها أو من غيرها.

    ثم أيضاً في هذا الحديث أو في هذا التفسير، كون النبي صلى الله عليه وسلم سأل عن البتع والمزر هذا مما يدل على أن ما جاء في بعض الروايات السابقة من أن الرسول سئل عن البتع فقال: (لا تشرب مسكراً) أو قال: (كل مسكر حرام)، وقال بعد ذلك: والبتع هو نبيذ العسل، يبين هذا -الذي جاء في هذا الحديث من السؤال عن معنى البتع والمزر- أن ما جاء في الأحاديث المتقدمة أنه مدرج، يعني: ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سأل ما المراد بالبتع والمزر؟ فأخبر بأنه كذا وكذا.

    إذاً: ما جاء في بعض الأحاديث المتقدمة من بيان البتع والمزر، ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو مدرج في الحديث من كلام غيره؛ لأن هذا السؤال من النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أنه ما كان يعرف البتع والمزر، وإنما هي أسماء لأشياء في اليمن ومصطلحات اصطلحوا عليها، فالرسول صلى الله عليه وسلم سأل عن المراد بها، ولما بين له لم يأت بجواب بالنفي ولا بالإثبات، وإنما أتى بحكم عام يبين فيه الحد الفاصل بين ما يحل وما يحرم، وأن ما يحرم هو كل مسكر، وما لم يصل إلى حد الإسكار فإنه يكون حلالاً.

    تراجم رجال إسناد حديث: (... لا تشرب مسكراً فإني حرمت كل مسكر)

    قوله: [أخبرنا سويد].

    هو: سويد بن نصر المروزي، وهو ثقة، أخرج له الترمذي، والنسائي.

    [عن عبد الله].

    هو: ابن المبارك المروزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن الأجلح].

    وهو: ابن حجية الكندي مصغر، هو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن.

    [عن أبي بكر بن أبي موسى].

    أبو بكر بن أبي موسى الأشعري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبيه].

    أبوه هو: أبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث أبي موسى: (كل مسكر حرام)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن آدم بن سليمان عن ابن فضيل عن الشيباني عن أبي بردة عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليمن، فقلت: يا رسول الله! إن بها أشربة يقال لها: البتع والمزر، قال: وما البتع والمزر؟ قلت: شراب يكون من العسل، والمزر يكون من الشعير، قال: كل مسكر حرام)].

    أورد النسائي حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، إلا أن فيه تفسير المزر بأنه من الشعير، والذي مر أنه من الذرة، فلا تنافي بين هذا وذاك، فيحمل على أن المزر يطلق على ما كان نبيذاً من هذا أو نبيذاً من هذا، يعني: ما كان من الذرة يقال له مزر، وما كان نبيذاً من الشعير يقال له: مزر.

    تراجم رجال إسناد حديث أبي موسى: (كل مسكر حرام)

    قوله: [أخبرنا محمد بن آدم بن سليمان].

    هو: محمد بن آدم بن سليمان الجهني، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.

    [عن ابن فضيل].

    هو: محمد بن فضيل بن غزوان، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن الشيباني].

    هو: أبو إسحاق سليمان بن أبي سليمان الشيباني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبي بردة].

    أبو بردة بن أبي موسى، وهو أخو أبي بكر المتقدم في الإسناد الذي قبل هذا، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبيه].

    أبو موسى وقد مر ذكره.

    شرح حديث ابن عمر: (كل مسكر حرام)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أبو بكر بن علي حدثنا نصر بن علي أخبرني أبي حدثنا إبراهيم بن نافع عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (خطب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكر آية الخمر، فقال رجل: يا رسول الله! أرأيت المزر؟ قال: وما المزر؟ قال: حبة تصنع باليمن، فقال: تسكر؟ قال: نعم، قال: كل مسكر حرام)].

    أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وأن النبي صلى الله عليه وسلم خطب على المنبر وذكر آية الخمر وتحريم الخمر، فسأل رجل عن المزر، فقال عليه الصلاة والسلام: (وما المزر؟ قال: حبة تصنع في اليمن)، أي: شراب من حبة، يعني: من حبوب، وقد مر في الإسنادين السابقين أو الحديثين السابقين، أنها نبيذ الذرة أو نبيذ الشعير، فقال: (تسكر؟ قال: نعم، قال: كل مسكر حرام)، وهذا مثل الذي قبله، إلا أن فيه، بيان أن هذا الذي سئل عنه هنا مسكر، وقد يكون في بعض أحواله لا يسكر في كونه لا يصل إلى حد الإسكار، ولكن الحد الفاصل هو الإسكار، فما وصل إلى حد الإسكار حرم، وما لم يكن مسكراً فإنه يكون حلالاً، كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث بريدة بن الحصيب الذي أشرت إليه والذي سبق أن مر، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كنت نهيتكم عن الانتباذ في أوعية، ألا فانتبذوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكراً)، يعني: انتبذوا، ولكن بشرط أنكم لا تشربون الذي وصل إلى حد الإسكار، وما لم يصل إلى حد الإسكار فإنه حلال لكم.

    تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (كل مسكر حرام)

    قوله: [أخبرنا أبو بكر بن علي].

    هو: أحمد بن علي المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.

    [عن نصر بن علي].

    هو: نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبيه].

    وهو: علي بن نصر بن علي الجهضمي، وهو ثقة أيضاً، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن إبراهيم بن نافع].

    إبراهيم بن نافع، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن ابن طاوس].

    هو: عبد الله بن طاوس بن كيسان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبيه].

    هو: طاوس بن كيسان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة أيضاً.

    [عن ابن عمر].

    هو: عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: ابن عمر، وابن عمرو، وابن عباس، وابن الزبير، وهو أيضاً أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد، وأنس، وجابر، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم أجمعين.

    شرح حديث ابن عباس: (وما أسكر فهو حرام)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن أبي الجويرية قال: (سمعت ابن عباس رضي الله عنهما وسئل فقيل له: أفتنا في الباذق؟ فقال: سبق محمد الباذق، وما أسكر فهو حرام)].

    أورد النسائي حديث ابن عباس أنه سئل عن الباذق، والباذق قيل هو: الطلاء الذي هو طبخ العصير حتى يتعقد، وقيل: إنه نبيذ العسل، وقيل عدة تفسيرات، وقيل: أصله باذه، وأنه فارسي معرب، وقيل: إن المراد به الخمر، وأن الباذق اسم من أسماء الخمر عند الفرس، فلما سئل ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن الباذق قال: ( سبق محمد الباذق )، يعني: أنه أتى بالكلام الذي يستوعب كل ما جد، ويشمل كل ما جد مما لم يكن معروفاً في زمنه صلى الله عليه وسلم؛ لأن الشريعة تأتي بقواعد عامة، وبعمومات يندرج تحتها أشياء لم تكن معروفة في زمنه صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال: سبق محمد الباذق، يعني: أنه جاء عنه الكلام الذي يفصل في هذه الأشياء التي جاءت بأسمائها، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أعطى حكماً في ذلك: ( أن كل مسكر حرام )، يعني: أن ما أسكر منه فهو حرام، وما لم يسكر فإنه يكون حلالاً، وما أسكر فإنه يكون حراماً.

    وهذا فيه: إشارة أو دلالة على عموم الشريعة، واتساعها واستيعابها لما يجد ويحدث من النوازل، وما يحصل من الأمور التي لم تكن معروفة من قبل، فإنه يمكن أن يعرف حكمها بواسطة القواعد الشرعية التي جاءت بها الشريعة، وكذلك بواسطة النصوص العامة التي يندرج تحتها ما كان غير معروف في زمنه صلى الله عليه وسلم؛ لأن الشريعة جاءت لتكون صالحة لكل زمان ومكان، ولتستوعب ما يجد من الأحكام؛ من الأمور التي يحتاج إلى معرفة أحكامها، فإن الأشياء الجديدة والأشياء النازلة يجتهد فيها وتلحق بما جاءت به الشريعة، إما في قواعدها بأن تكون داخلة تحت القواعد، أو بالعمومات كما في هذا الحديث، حيث جاء هذا الكلام العام: (كل مسكر حرام) وما لم يسكر فإنه يكون حلالاً، أو بالقياس يعني: قياس شيء جديد على شيء عرف حكمه في الشرع، وقد جاء فيه نص خاص، فيلحق المثيل بالمثيل والشبيه بالشبيه.

    الحاصل: أن هذا الحديث يدل على استيعاب الشريعة وشمولها وعمومها، وأنها صالحة لكل زمان ومكان، وأن كل ما يجد من النوازل ومن الحوادث يمكن أن تعرف عن طريق النصوص العامة، وعن طريق القواعد الشرعية العامة، وعن طريق إلحاق الشبيه بالشبيه، والنظير بالنظير، وما إلى ذلك من الطرق التي تسلك لمعرفة ما يجد من النوازل لمعرفة أحكامها.

    تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس: (وما أسكر فهو حرام)

    قوله: [أخبرنا قتيبة].

    هو: ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبي عوانة].

    هو: أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبي الجويرية].

    وهو: حطان بن خفاف وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأبو داود، والنسائي.

    [عن ابن عباس].

    هو: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة المعروفين في كثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088458824

    عدد مرات الحفظ

    776851446