إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد المحسن العباد
  5. سلسلة شرح سنن النسائي
  6. كتاب الصلاة
  7. شرح سنن النسائي - كتاب السهو - (باب الدعاء بعد الذكر) إلى (باب نوع آخر من الدعاء)

شرح سنن النسائي - كتاب السهو - (باب الدعاء بعد الذكر) إلى (باب نوع آخر من الدعاء)للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • جاءت السنة ببيان ما يتعلق بالدعاء في الصلاة، وبيان أن الإنسان يقدم بين يدي دعوته الثناء على الله بأسمائه وصفاته ونعوت جلاله، ثم حمده وتقديسه، وهذا من الأدب مع الله تبارك وتعالى.

    شرح حديث أنس في الدعاء بعد الذكر

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الدعاء بعد الذكر.

    أخبرنا قتيبة حدثنا خلف بن خليفة عن حفص بن أخي أنس عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: (كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً ورجل قائم يصلي، فلما ركع وسجد وتشهد دعا فقال في دعائه: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم إني أسألك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: تدرون بما دعا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: والذي نفسي بيده! لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى) ].

    يقول النسائي رحمه الله: باب الدعاء بعد الذكر.

    مراد النسائي بهذه الترجمة هو: أن الإنسان عندما يدعو، يقدم بين يدي دعائه، بذكر الله عز وجل، والثناء عليه، وتعظيمه، وتمجيده، والتوسل إليه بأسمائه وصفاته، فإن ذلك: من أسباب قبول الدعاء، وقد سبق أن مر بنا بعض الأحاديث الدالة على أن الإنسان عندما يدعو، قبل دعائه يحمد الله، ويمجده، ويثني عليه، ويصلي على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو، وهنا بين يدي الدعاء توسل بأسماء الله عز وجل وصفاته، وقد أورد النسائي في هذه الترجمة حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، أنه كان جالساً مع النبي عليه الصلاة والسلام (ورجل يصلي، فلما ركع وسجد وتشهد قال: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم إني أسألك) كذا وكذا، أي: أنه قدم بين يدي مسألته بالثناء على الله عز وجل وتعظيمه وتمجيده، وهذا من أسباب قبول الدعاء؛ ولهذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام قال لأصحابه: (تدرون بم دعا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل أعطى).

    والمقصود من إيراد الحديث هنا: أن قوله: إني أسألك كذا وكذا، ولم يذكر سؤاله، وإنما ذكر الثناء، الذي بين يدي سؤاله، والتوسل إلى الله عز وجل بصفاته وأسمائه، هذا من أسباب قبول الدعاء، وهذا هو التوسل المشروع، التوسل المشروع: كون الإنسان يتوسل إلى الله بأسمائه وصفاته، ويثني عليه ويعظمه بين يدي سؤاله، فيكون ذلك، توسلاً مشروعاً، هو خير ما يتوسل به العبد إلى الله عز وجل، كونه يعظم الله ويثني عليه ويمجده، ثم بعد ذلك يسأله حاجته فيكون متوسلاً إليه بأسمائه وصفاته والثناء عليه سبحانه وتعالى.

    قوله: (اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت) فيه اعتراف بأن الحمد له، وهو صاحب الحمد، وهو الذي يحمد على كل حال، فهو صاحب النعم كلها المتفضل بها، وهو المحمود على النعم كلها ظاهرها وباطنها، وفي جميع الأحوال سبحانه وتعالى، ثم: (لا إله إلا أنت) اعتراف بألوهيته، وأنه الإله الحق الذي لا تصح العبادة إلا له، ولا يصرف شيء منها لغيره، بل كلها له سبحانه وتعالى؛ لأنه المتفرد بالخلق والإيجاد، وهو المتفضل بالنعم، وهو المحيي، والمميت، المتصرف بالكون كيف يشاء، فهو الذي يجب أن يفرد بالعبادة وحده لا شريك له، لا يشرك مع الله أحد في عبادته لأنه لا شريك له في ملكه، فله الملك، وله الحمد، وله العبادة التي هي حقه، ولا يجوز صرف شيء منها لغيره سبحانه وتعالى.

    (المنان) يعني: صاحب المنن والنعم، الذي امتن على عباده بكل خير، وبكل نعمة، وأعظم النعم: نعمة الهداية إلى الإسلام، نعمة الخروج من الظلمات إلى النور، يقول الله عز وجل: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [آل عمران:164] فهذه أعظم منة، وأجل نعمة، وهي نعمة الإسلام، نعمة الهداية إلى الصراط المستقيم، نعمة الخروج من الظلمات إلى النور هي أجل النعم، وهي أفضلها، وهي أعلاها، لا يماثلها نعمة ولا يساويها نعمة.

    (بديع السماوات والأرض) الذي أوجد السماوات، على غير مثال سابق، بل هو الذي قدر خلقها على ما شاء، وأوجدها كيف شاء، على ما شاء، فهو المبدع لها، الموجد لها، المتصرف فيها، المالك لها، فهو خالق الخلق ومالك الملك ذو الجلال والإكرام سبحانه وتعالى.

    (يا ذا الجلال والإكرام)، يصف الله عز وجل، بأنه ذو الجلال والإكرام، صاحب العظمة، صاحب الكرم، العظيم الكريم، الذي لا تصلح العظمة إلا له، والكريم الذي هو صاحب كل نعمة وصاحب كل منة وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللَّهِ [النحل:53]، وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [إبراهيم:34]، أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً [لقمان:20] فنعم الله عز وجل، لا تعد ولا تحصى، فهو سبحانه وتعالى ذو الجلال والإكرام.

    من أنواع التوسل المشروع

    ثم قال: (يا حي يا قيوم)، وهذان من أسماء الله عز وجل، وقد بدئت بهما آية الكرسي: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة:255] بعد ذكر اسم الله، الذي هو العلم لفظ الجلالة الله، جاء الحي القيوم، الحي الذي هو كامل الحياة، القيوم القائم بنفسه، المقيم لغيره، الذي قامت به السماوات والأرض، وكل شيء قام إنما هو بإقامته إياه، فهو الحي القيوم الذي هو على كل شيء قدير، والذي هو مالك الملك، ذو الجلال والإكرام سبحانه وتعالى.

    ثم قال بعد ذلك: (أسألك) يعني: بعد أن توسل إلى الله عز وجل، بهذه الأوصاف، وبهذه الأسماء، ودعا ربه وناداه قائلاً: يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، يقول: إني أسألك كذا وكذا، فهذا هو التوسل المشروع، أما الذين ابتلوا بالتوسلات المبتدعة، التي ما جاءت بها شريعة الله، وليست من هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام، لا يعرفون التوسل المشروع، لا يعرفون مثل هذا الدعاء، الذي أرشد إليه المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، وهو: أن يكون الدعاء متوسل إلى الله عز وجل، بأسمائه، وصفاته، وتعظيمه، وتمجيده، والثناء عليه سبحانه وتعالى.

    فلو أن المتوسل إذا أرد أن يتوسل، بحث عن التوسل المشروع، إذا كان يعلمه وتوسل به ودعا به، وإذا كان لا يعلم، يسأل ويتعلم، حتى يعرف الحق والهدى، ومن المعلوم أن الأدعية التي جاءت عن المصطفى عليه الصلاة والسلام، إما بتعليمه أصحابه إياها، أو سماعه إياهم يدعون ويتوسلون، ثم يقرهم ويؤيد ما قالوه ويرشد إليه، كما جاء في هذا الحديث، فإن قوله: (أتدرون بما سأل؟ سأل الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى) وهو: هذه الأوصاف العظيمة، لله عز جل التي نهايتها: يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، فالتوسل بأسماء الله وصفاته والثناء عليه، هذا هو خير توسل وهذا هو أفضل توسل.

    ومن التوسل المشروع: التوسل إلى الله بالعمل الصالح، كون الإنسان يتوسل إلى الله بعمله الصالح؛ لأن عمله عمل تقرب به إلى الله عز وجل، فهو يتوسل إلى الله بذلك العمل، والنبي عليه الصلاة والسلام أرشد إلى ذلك، كما جاء في قصة الثلاثة الذين كان يمشون في فلاة من الأرض، فحصل مطر فاحتاجوا إلى أن يدخلوا في غار، فدخلوا في الغار، فانحدرت صخرة وسدت عليهم باب الغار، فصاروا لا يستطيعون الخروج، فصاروا في قبر وهم أحياء، ليس عندهم أحد من الناس، ولا يعلم بهم أحد إلا الله عز وجل، فعند ذلك فكروا ماذا يصنعون، وبماذا يتوسلون إلى الله عز وجل، فقال أحدهم: إنه لا ينجيكم إلا: أن تتوسلوا إلى الله عز وجل بأعمال صالحة، عملتموها في حال الرخاء، يثيبكم الله عليها في الشدة، ولهذا جاء في الحديث: (تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة) فواحد منهم: تذكر وذكر حالة من الحالات، وأنه كان باراً بوالديه، وأنه كان يأتي بالغبوق وهو: الحليب الذي يأتي به في أول الليل ويشرب، فكان من عادته أنه يأتي بالغبوق لأبويه، ويشربان قبل أن يناما، ففي يوم من الأيام، بعدت الإبل ونأت فجاء بالغبوق، وقد مضى وقت من الليل وقد ناما، فلم يرد أن يكدر عليهما صفو نومهما، ولم يرد أن يجلس وينام، قد يستيقظا ولا يتنبهان لهذا الذي أحضر لهما، فوقف والقدح على يديه، ينتظر لعلهما يتحركان، أو يستيقظان من أنفسهما، فاستيقظا وشربا، فتوسل إلى الله عز وجل بهذا العمل الذي عمله، فقال: اللهم إنك تعلم أني عملت كذا وكذا وكذا، اللهم فرج عنا ما حل بنا، أو ما نحن فيه، فتزحزحت الصخرة قليلاً إلا أنهم لا يستطيعون الخروج.

    والثاني منهما تذكر: وإذا له ابنة عم، وكان يحبها ويراودها عن نفسها، وكانت تمتنع منه، وفي سنة من السنوات حصل لها فاقة وشدة، فجاءت إليه تطلب منه شيئاً من المساعدة والإحسان، فعرض عليها ما كان يعرضه عليها من السوء، ونتيجة لشدة حاجتها مالت، ولكن في نفسها شيء، ولما أعطاها ما أعطاها من النقود، وهي: مائة دينار، وجلس بين رجليها، خوفته بالله عز وجل، وقالت: يا عبد الله! اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فقام وتركها خوفاً من الله عز وجل، فتوسل إلى الله عز وجل بهذا العمل الصالح، فتزحزحت الصخرة قليلاً إلا أنهم لا يستطيعون الخروج.

    ثم جاء الثالث وتذكر: أنه كان عنده أجير استأجره، فراح وترك أجرته، وهو لا يعرفه، فنمى هذه الأجرة، حتى اتسعت وصارت: إبلاً، وبقراً، وغنماً، ورقيقاً، فجاء بعد مدة طويلة وقال: يا فلان، عندك لي أجرة، فقال: انظر ما في هذا الوادي من الإبل، والغنم، فهو لك، فقال: أتستهزئ بي؟ لأن أجرته كانت بسيطة، وهذه أموال طائلة، فظن أنه يستهزئ، فقال: لا، هو نصيبك، هو حقك؛ لأنه نماه حتى تضاعف وحتى كثر، فتوسل إلى الله عز وجل، بهذا العمل، فتزحزحت الصخرة فخرجوا يمشون، تعرفوا إلى الله عز وجل في حال الرخاء، فعرفهم في حال الشدة، فالتوسل إلى الله عز وجل بالعمل الصالح مشروع، والدليل عليه: هذا الحديث الثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، الذي يحكيه عن أمم سابقة أو عن ثلاثة في الأمم السابقة.

    ومن التوسل المشروع بالعمل الصالح: كون الإنسان يتوسل إلى الله، بمحبته لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام، فيقول: اللهم بإيماني بك، ومحبتي لرسولك، أسألك أن تحقق لي كذا وكذا، فيتوسل إلى الله عز وجل بعمله الصالح، بمحبته للرسول عليه الصلاة والسلام، واتباعه للرسول صلى الله عليه وسلم، يتوسل إلى الله عز وجل بهذا العمل الصالح الذي عمله، وأنه يحب الله ورسوله، وأنه يؤمن بالله ورسوله عليه الصلاة والسلام، فيتوسل إلى الله عز وجل بهذا العمل، هذا هو التوسل المشروع، كثير من الناس، لا سيما المبتدعة، لا يعرفون التوسل المشروع، وكل ما عندهم من التوسلات المبتدعة، التي ما يعرفها الصحابة ولا يعلم عنها الصحابة شيئاً، وهم خير الأمة، وإنما أحدثها المحدثون، وأتى بها أناس من تلقاء أنفسهم، وتبعاً لأهوائهم، ليس لهم في ذلك مستند من كتاب ولا من سنة رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

    تراجم رجال إسناد حديث أنس في الدعاء بعد الذكر

    قوله: [أخبرنا قتيبة].

    هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وبغلان: قرية من قرى بلخ، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن خلف بن خليفة].

    صدوق اختلط، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

    [عن حفص].

    وهو حفص بن أخي أنس بن مالك، وقيل: إنه ابن أخيه لأمه، حفص بن عبد الله بن أبي طلحة، ابن أخي أنس بن مالك لأمه؛ لأن أنس بن مالك، أخوه لأمه عبد الله بن أبي طلحة، أمهما أم سليم، فهو ابن أخيه لأمه، وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والنسائي.

    [عن أنس بن مالك].

    صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وخادمه الذي خدمه عشر سنوات، منذ قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، إلى أن توفاه الله، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهذا الإسناد من الأسانيد الرباعية عند النسائي، وهي أعلى الأسانيد، الأسانيد الرباعية: هي أعلى الأسانيد عند النسائي؛ لأنه ليس عنده ثلاثيات، أعلى ما عنده الرباعيات، وبين النسائي، وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، أربعة أشخاص هم: قتيبة، وخلف بن خليفة، وحفص بن أخي أنس، وعمه أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه.

    والثلاثيات عند البخاري، وعند الترمذي، وابن ماجه، أصحاب الكتب الستة الذين لهم ثلاثيات ثلاثة: البخاري له: اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً، والترمذي له: حديث واحد ثلاثي، وابن ماجه عنده: خمسة أحاديث ثلاثية، كلها بإسناد واحد وهو إسناد ضعيف، أما مسلم، وأبو داود، والنسائي، فأعلى ما عندهم الرباعيات.

    شرح حديث محجن بن الأدرع في الذكر بعد الدعاء

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن يزيد أبو بريد البصري عن عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا أبي حدثنا حسين المعلم عن ابن بريدة حدثني حنظلة بن علي أن محجن بن الأدرع رضي الله عنه حدثه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد إذا رجل قد قضى صلاته وهو يتشهد فقال: اللهم أني أسألك يا الله بأنك الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد غفر له ثلاثاً) ].

    أورد النسائي حديث: محجن بن الأدرع الأسلمي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عنه، وهو (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد إذا رجل قد قضى صلاته، وتشهد) يعني: قبل نهاية صلاته فسأل الله عز وجل وقال:

    (اللهم إني أسألك بأنك أنت الله الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم فقال عليه الصلاة والسلام: قد غفر له.. قد غفر له.. قد غفر له) قالها ثلاثاً؛ لأنه توسل إلى الله عز وجل، بهذه الأسماء والصفات، فتوسل إليه بأن الله تعالى هو الواحد، هذا من أسمائه، الأحد، هو من أسمائه، الصمد، هو من أسمائه، الذي لم يلد ولم يولد، وهذه من صفاته، يعني: صفات كمال، أنه متنزه عن: الوالدين، والأولاد، والأشباه، والنظراء، فهو متنزه عن أن يكون له أصول، ومتنزه عن أن يكون له فروع، ومتنزه عن أن يكون له أشباه، لم يشبهه ويماثله، ويكون كفؤاً له، الذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:3-4].

    فتوسل إلى الله عز وجل، بهذه الأسماء والصفات، ثم بعد ذلك طلب المغفرة من الله عز وجل، وهذا هو السؤال، يعني: الأول ثناء، وذكر، وتعظيم، والمطلوب جاء في الآخر بعد الثناء، والذكر لله عز وجل، وهو أنه قال: (أن تغفر لي ذنوبي) ثم ختم ذلك بالثناء عليه، وذكر اثنين من أسمائه والثناء عليه بذلك، فقال: (إنك أنت الغفور الرحيم) ومن أسماء الله الغفور، ومن أسمائه الرحيم، فهو توسل بأسماء الله وصفاته.

    تراجم رجال إسناد حديث محجن بن الأدرع في الذكر بعد الدعاء

    قوله: [أخبرنا عمرو بن يزيد أبو بريد].

    عمرو بن يزيد أبو بريد البصري وهو صدوق، أخرج له النسائي، أبو بريد كنيته، وأبوه يزيد، اسم الأب مع الكنية متقاربة في اللفظ، وفي الشكل، وفي النطق، إلا أنها تختلف بالحروف، هذا يزيد وهذا بريد، فشكلها واحد ورسمها واحد، وهذا الذي يأتي فيه الاشتباه بين الأسماء، ويعرف التمييز بينها: بمعرفة الصيغ بكل اسم، سواء كان اسماً، أو نسباً، أو كنية، فكلمة يزيد، أو بريد، شكلها واحد، إلا أن الفرق في النقط والشكل، وإلا فالرسم واحد.

    [عن عبد الصمد].

    هو ابن عبد الوارث بن سعيد البصري وهو صدوق، ثبت في شعبة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبيه].

    أبوه عبد الوارث بن سعيد، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن حسين المعلم].

    وهو حسين بن ذكوان المعلم، وهو ثقة ربما وهم وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن ابن بريدة].

    وهو عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن حنظلة بن علي الأسلمي].

    ثقة، خرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.

    [عن محجن].

    وهو محجن بن الأدرع الأسلمي رضي الله تعالى عنه، وهو صحابي، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والنسائي، مثل الذي مر بنا قريباً، وهو: حفص بن أخي أنس بن مالك، كل منهما خرج له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والنسائي.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088524792

    عدد مرات الحفظ

    777126369