قسم الله الغنائم بين المجاهدين، وجعل لكل مجاهد نصيباً منها سواء كان راجلاً أو راكباً، إلا أنه ميز الراكب على الراجل بسهم فرسه التي خرج بها للجهاد، فجعل للراجل سهماً واحداً وللراكب ثلاثة أسهم، فزاده سهمين لفرسه فوق سهمه الذي هو له.
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: [باب في سهمان الخيل] يعني: أن الخيل يسهم لها، ويكون لصاحبها أسهم في مقابل استخدامها، وذلك بأن يكون لصاحب الفرس وفرسه ثلاثة أسهم: سهم له وسهمان لفرسه، وأما الراجل أو الراكب الذي ليس من أهل الخيل فإنه له سهم واحد، وعلى هذا فكل مجاهد حضر المعركة وهو من أهل القتال يكون له سهم، ومن كان له فرس فيضاف إلى سهمه الذي له سهمان لفرسه.
وإنما جعل الفرس له سهمان لقوة البلاء الذي يكون باستخدامه من الكر والفر والتمكن من الوصول إلى الأعداء والنكاية بهم، ثم لمقابل ما يحتاج إليه من علف ومن خدمة ومن أمور أخرى.
وقد أورد أبو داود حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى للفارس ثلاثة أسهم: سهم له وسهمان لفرسه، سهم له لأنه واحد من المقاتلين، وكل مقاتل يكون له سهم، والفرس له سهمان من أجل الفائدة الكبيرة التي تترتب على استخدامه ومن أجل ما يحتاج إليه من علف وغير ذلك.
تراجم رجال إسناد حديث إسهام النبي لرجل سهماً ولفرسه سهمين
أورد أبو داود حديث أبي عمرة ، وهو أنهم جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهم أربعة، ومعهم فرس، فأعطى كل واحد سهماً، وأعطى للفرس سهمين، وهذا مطابق للذي تقدم، وهو أن الفارس له ثلاثة أسهم: سهم له، وسهمان للفرس.
تراجم رجال إسناد حديث أبي عمرة عن أبيه في سهمان الخيل
بمعناه، إما أن يكون عن أبيه الأول أو أنه منه ويكون فيه الإرسال.
وفي الحديث السابق قال: حدثنا المسعودي عن أبي عمرة وهنا قال: حدثنا المسعودي عن رجل من آل أبي عمرة عن أبي عمرة، ومعناه: أنه رواه هناك بدون واسطة، وهنا بواسطة رجل مبهم.
وهذان الحديثان من حيث الإسناد ضعيفان، لكن من حيث المتن فالمعنى مستقيم مطابق للأحاديث الأخرى.
ما جاء فيمن أسهم للخيل سهماً واحداً
شرح حديث من جعل للفرس سهماً واحداً
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيمن أسهم له سهماً.
قال أبو داود : حديث أبي معاوية أصح والعمل عليه، وأرى الوهم في حديث مجمع أنه قال: ثلاثمائة فارس، وكانوا مائتي فارس ].
أورد أبو داود باباً فيمن أسهم للفرس سهماً واحداً؛ لأن الباب الأول في السهمين للفرس، وذكر فيه الأحاديث التي فيها أنه يكون له سهمان، وهي صحيحة، وأورد بعد ذلك هذه الترجمة فيمن أسهم له سهماً واحداً بدل أن يعطى اثنين.
وأورد فيه أبو داود حديث مجمع بن جارية رضي الله عنه، وأنهم كانوا في غزوة الحديبية، وأنه لما فتحت خيبر قسمت على أهل الحديبية، وكان الذين حضروا الحديبية هم الذين حضروا خيبر، وقسمت عليهم الغنائم، وفيه أنه أسهم للفارس سهمين، سهماً له وسهماً لفرسه، وهذا مخالف لما سبق في الأحاديث أن للفارس وفرسه ثلاثة أسهم سهماً له وسهمين لفرسه.
والفرس يذكر ويؤنث، ويعرف التذكير والتأنيث بعودة الضمائر على اللفظ وبالإشارة إليه.
قوله: [ (وقيل: أفتح هو يا رسول الله؟ قال: نعم) ] ولا شك أنه كان مقدمة الفتح، أعني فتح مكة؛ لأن هذا الصلح الذي قد تم حصل فيه الخير الكثير، وترتب على ذلك مصالح كبيرة للمسلمين، ثم بعد ذلك حصل الفتح بعد صلح الحديبية بسنتين، فقد كانت الحديبية في السادسة، وخيبر في السابعة والفتح في الثامنة.
يعني: الحديث المتقدم الذي فيه أن للفارس ثلاثة أسهم؛ سهماً له وسهمين لفرسه، وليس كما جاء في حديث مجمع بن جارية أن للفارس سهمين؛ سهماً له وسهماً واحداً لفرسه.
قوله: [ وأرى الوهم في حديث مجمع أنه قال: ثلاثمائة فارس وكانوا: مائتي فارس ].
هو قال هنا: إنهم ثلاثمائة، قالوا: والصحيح أنهم كانوا مائتي فارس، وإذا كانوا مائتي فارس وهم على الصحيح ألف وأربعمائة، فإنهم يعطون أربعة عشر سهماً ويبقى بعد ذلك أربعة أسهم للخيول المائتين، فتكتمل ثمانية عشر سهماً، لكن على القول بأنهم ثلاثمائة فارس يصير العدد ألفاً ومائتين مقابل اثني عشر سهماً، وبقيت من الثمانية عشر سهماً ستة أسهم لثلاثمائة فارس وثلاثمائة فرس، للفرس سهم وللفارس سهم.