إسلام ويب

شرح سنن أبي داود [388]للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الإسلام يدعو إلى العمل لعمارة الأرض والضرب في مناكبها؛ من أجل تحقيق عبادة الله فيها، وقد حث الله على التعاون على البر والتقوى، ومن ذلك التعاون في التجارة بأنواع الشركات، وقد بين أهل العلم أنواع الشركات وأحكامها وضوابطها.

    شرح حديث (أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه)

    قال المنصف رحمه الله تعالى: [ باب الشركة.

    حدثنا محمد بن سليمان المصيصي حدثنا محمد بن الزبرقان عن أبي حيان التيمي عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه قال: (إن الله يقول: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خانه خرجت من بينهما) ].

    يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب في الشركة، والشركة: هي الاشتراك في تجارة، سواء قدم كل منهما منه مالاً وعملاً أو يكون من أحدهما المال والثاني منه العمل، أو ليس بأيديهم مال، ولكن عندهم عمل، فيشتغلون بأبدانهم، فكل هذه من الشركة.

    والأصل فيها الجواز؛ إلا إذا وجد شيء أو شرط يؤدي إلى أمر فيه غرر أو محذور.

    وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى يقول: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خانه خرجت من بينهما) والمقصود من ذلك أن الله مع الشريكين في تسديده وإعانته وتوفيقه ما داما صادقين، ولم يكن هناك خيانة، فإن لم يحصل الصدق يمنعا من البركة بسبب الخيانة التي حصلت منهما أو من أحدهما.

    وهذا الحديث القدسي من أحاديث المعية، والمعية عند العلماء نوعان: معية عامة ومعية خاصة، والمعية الخاصة هي التي تكون من الله عز وجل بالحفظ والكلاءة والإعانة والتسديد والتوفيق، والمعية العامة هي التي تكون لكل أحد، ولا يختص بها أحد دون أحد.

    ومن المعية الخاصة ما جاء في هذا الحديث، ومنها ما جاء في قصة أبي بكر مع رسول الله عليه الصلاة والسلام في طريق الهجرة لما كان رسول الله عليه الصلاة والسلام وأبو بكر في الغار، وكان الكفار يبحثون عنهما، فوصلوا إلى باب الغار، فكان رسول الله عليه الصلاة والسلام وأبو بكر يريان أقدام الكفار، فقال أبو بكر : لو أن أحدهم نظر إلى موضع قدمه لأبصرنا! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما ظنك باثنين الله ثالثهما) يعني: بحفظه وتسديده وإعانته.

    وأما المعية العامة فهي مثل قول الله عز وجل: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [المجادلة:7]، فهذه معية عامة تكون لكل أحد، وأما المعية الخاصة فهي التي تكون بالنصر والتأييد والتسديد والتوفيق.

    وهذا الحديث فيه ضعف، لكن لا شك أن الصدق سبب لحصول البركة، وأن الخيانة والكذب سبب من أسباب محق البركة.

    تراجم رجال إسناد حديث (أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه)

    قوله: [ حدثنا محمد بن سليمان المصيصي ].

    محمد بن سليمان المصيصي ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .

    [ حدثنا محمد بن الزبرقان ].

    محمد بن الزبرقان وهو صدوق ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

    [ عن أبي حيان التيمي ].

    أبو حيان التيمي هو يحيى بن سعيد بن حيان التيمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو في طبقة يحيى بن سعيد الأنصاري، والذين يقال لهم: (يحيى بن سعيد) في الكتب الستة أربعة، اثنان في طبقة متقدمة، واثنان في طبقة متأخرة، فاللذان في طبقة متقدمة هما: يحيى بن سعيد بن حيان هذا، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وهما من طبقة صغار التابعين، واللذان في طبقة متأخرة هما: يحيى بن سعيد القطان ، ويحيى بن سعيد الأموي . وهما في طبقة متأخرة.

    [ عن أبيه ].

    هو سعيد بن حيان قال عنه الحافظ : وثقه العجلي. ولم يجزم بتوثيقه ابن حجر ، وإنما عزا توثيقه إلى العجلي ، والعجلي قريب من ابن حبان في التساهل، فمن أجل ذلك تكلم بعض أهل العلم في هذا الحديث من أجل سعيد بن حيان والد يحيى بن سعيد .

    [ عن أبي هريرة ].

    أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

    [ رفعه ].

    يعني: رفعه أبو هريرة إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهذه اللفظة بمعنى: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام، أو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن كلمة (رفعه) أو (ينميه) أو (يبلغ به) كلها بمعنى واحد، والذي يقولها هو من دون الصحابي، ولعل السبب في ذلك أنه ما أتقن الصيغة التي أضافها إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولكن كلمة (رفعه) يحصل بها المقصود، سواء قال: سمعت أو قال: قال رسول الله، فإن الكل مرفوع إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088478976

    عدد مرات الحفظ

    776928730