إسلام ويب

شرح سنن أبي داود [540]للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الميزان من أمور يوم القيامة الثابتة بالكتاب السنة، فقد وردت الآيات والسنن بوزن الأعمال؛ لإقامة الحجة على الناس، وإظهار عدل الله، ولذا فلا ينكره إلا الضلال التاركين للسنة. والدجال من علامات الساعة الكبرى ويكون خروجه آخر الزمان لورود الأحاديث الصحيحة بذلك، وما من نبي إلا حذر قومه منه، وقد ذكر فيه نبينا عليه الصلاة والسلام ما لم يذكره نبي قبله.

    شرح حديث عائشة في ذكر الميزان

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في ذكر الميزان.

    حدثنا يعقوب بن إبراهيم وحميد بن مسعدة أن إسماعيل بن إبراهيم حدثهم قال: أخبرنا يونس عن الحسن عن عائشة (أنها ذكرت النار فبكت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك؟ قالت: ذكرت النار فبكيت، فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما في ثلاثة مواطن فلا يذكر أحد أحداً: عند الميزان حتى يعلم أيخف ميزانه أو يثقل، وعند الكتاب حين يقال: هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ [الحاقة:19] حتى يعلم أين يقع كتابه أفي يمينه أم في شماله أم من وراء ظهره، وعند الصراط إذا وضع بين ظهري جهنم).

    قال يعقوب : عن يونس ، وهذا لفظ حديثه ].

    أورد أبو داود باب في الميزان، والميزان هو الذي توزن به أعمال العباد، وتعرف به مقاديرها من حيث الرجحان وعدمه، والميزان له كفتان كما جاء في حديث البطاقة والسجلات.

    والوزن إنما هو لإظهار عدل الله عز وجل، وأن كلاً يجازى بما يستحقه، وأنه لا يظلم بحيث ينقص من حسناته أو يزاد في سيئاته، وليس الوزن من أجل أن يعلم الله الراجح من المرجوح، فإن الله تعالى عالم بكل شيء.

    وبعض الفرق الضالة أنكرت الميزان من جهة العقل فقالوا: إن الميزان يحتاج إليه البقال، والناس هم الذين يحتاجون إلى معرفة الراجح والمرجوح، والله عز وجل لا يحتاج إلى ذلك، لعلمه بكل شيء، وهذا هو البلاء الذي حصل لمن ابتلي من المبتدعة، بأن قاس الله على خلقه، ففر من إثبات شيء ثابت بحجة أن ذلك يكون فيه مشابهة، مع أن الله عز وجل لا يشبه شيئاً من خلقه، وما يضاف إلى الله عز وجل فإنه على ما يليق به، وما يضاف إلى المخلوقين فعلى ما يليق بهم، والوزن إنما هو من أجل العباد، وليس من أجل شيء يرجع إلى الله سبحانه وتعالى.

    وقد جاءت الآيات في كتاب الله والأحاديث في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مثبتة لذلك، ومن ذلك حديث البطاقة والسجلات الذي يدل على أن له كفتين، ومن ذلك قول الله عز وجل: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ [الأنبياء:47].

    وفي آخر حديث في صحيح البخاري عن أبي هريرة : (كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم)، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي مالك الأشعري : (الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن -أو تملأ- ما بين السماء والأرض).

    وعلى هذا فالوزن ثابت في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

    وأورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها (أنها ذكرت النار فبكت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك؟ قالت: ذكرت النار فبكيت، فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة

    والحديث من رواية الحسن عن عائشة بالعنعنة وهو مدلس، ولا أدري هل روايته عن عائشة متصلة أو غير متصلة، لكن سواء روى عنها أم لم يرو فما دام أن ذلك بالعنعنة وهو مدلس فإن ذلك يقدح في الرواية.

    وأيضاً من ناحية المعنى وأنهم لا يذكرون أهليهم، فهم من حين يخرجون من قبورهم وهم في أمر يذهل بعضهم عن بعض، ولهذا جاء في الحشر أنهم يخرجون حفاة عراة غرلاً، قالت عائشة رضي الله عنها: (الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال: الأمر أعظم من أن يهمهم ذلك) يعني: أنهم لا يفكرون بالشهوات واللذات وما كان يجري في الدنيا من فتنة الرجال بالنساء والنساء بالرجال؛ لأنهم في حال أكبر من أن يفكروا بهذا الأمر، فهذا كما هو معلوم مما ينسيهم أهليهم، فكل مشغول بنفسه وكل يقول: نفسي نفسي!

    وأيضاً أولو العزم من الرسل كل واحد منهم يقول في ذلك الموقف: نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، ولا يشفع!

    فقصْرُه نسيان الأهل على هذه المواقف الثلاثة مع أن الذهول موجود من حين الموقف يدل على أن في المتن نكارة، والإسناد فيه تدليس.

    تراجم رجال إسناد حديث عائشة في ذكر الميزان

    قوله: [ حدثنا يعقوب بن إبراهيم ].

    يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، وكذلك هو ومحمد بن بشار ومحمد بن المثنى من صغار شيوخ البخاري ، وهم من شيوخ أصحاب الكتب الستة، وقد مات الثلاثة في سنة واحدة، وهي سنة مائتين واثنتين وخمسين، أي قبل وفاة البخاري بأربع سنوات.

    [ وحميد بن مسعدة ].

    صدوق أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

    [ أن إسماعيل بن إبراهيم ].

    إسماعيل بن إبراهيم ابن علية ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ أخبرنا يونس ].

    يونس بن عبيد ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن الحسن ].

    الحسن بن أبي الحسن البصري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن عائشة ].

    عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    [ قال يعقوب : عن يونس ، وهذا لفظ حديثه ].

    أي أن يعقوب عندما ساق الإسناد ذكر أن ابن علية عنعن عن يونس ، أي: أن لفظ الإخبار إنما هو لـحميد بن مسعدة ، وأما لفظ المتن فلـيعقوب .

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088523628

    عدد مرات الحفظ

    777120250