حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب عن داود عن عامر قال: حدثني أبو جبيرة بن الضحاك قال: (فينا نزلت هذه الآية في بني سلمة: وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ [الحجرات:11] قال: قدم علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وليس منا رجل إلا وله اسمان أو ثلاثة، فجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: يا فلان، فيقولون: مه يا رسول الله! إنه يغضب من هذا الاسم، فأنزلت هذه الآية: وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ [الحجرات:11]) ].
أورد أبو داود : باباً في الألقاب، واللقب ليس هو الاسم، ولكنه لفظ أو اسم يضاف إلى الشخص غير اسمه، وقد يكون محموداً وقد يكون مذموماً لا يرضاه ولا يعجبه ولا يحبه.
فأورد أبو داود حديث أبي جبيرة رضي الله عنه أنه قال: قدم الرسول المدينة وللواحد منا اسمان أو ثلاثة، معه الاسم الأول الذي سمي به، وأسماء أخرى هي ألقاب، فكان يشتهر فيما بينهم باللقب فكان النبي صلى الله عليه وسلم عندما يدعو واحداً منهم باللقب يقولون: مه يا رسول الله! إنه يكره ذلك؛ لأنه لقب لا يعجبه، فنزلت هذه الآية: وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ [الحجرات:11] والأمر واضح فيما إذا كان الإنسان يكرهه، أما إذا كان يعجبه أو يحبه فإنه لا محذور في ذلك؛ لأن المحذور فيما يكره.
ومن المعلوم أن الألفاظ التي تضاف إلى الشخص اسم ولقب وكنية، فالاسم هو الذي يسمى به عند الولادة، وهو الذي يكنى به أبوه، فيقال: أبو فلان، سواء ولد له أم لم يولد له، وقد يكنى وهو صغير، كما سيأتي في حديث أبي عمير : (يا
واسماً أتى وكنية ولقباً
وأخرن ذا إن سواه صحبا
ويؤخر اللقب إذا جمع بين الثلاثة.
موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا وهيب ].
وهيب بن خالد وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن داود ].
داود بن أبي هند ثقة أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عامر ].
عامر بن شراحيل الشعبي وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني أبو جبيرة بن الضحاك ].
أبو جبيرة بن الضحاك رضي الله عنه صحابي أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.
حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء حدثنا أبي حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ضرب ابناً له تكنى أبا عيسى، وأن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه تكنى بـأبي عيسى ، فقال له عمر : أما يكفيك أن تكنى بـأبي عبد الله ؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كناني، فقال: إن رسول الله عليه وآله وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وإنا في جلجتنا، فلم يزل يكنى بـأبي عبد الله حتى هلك ].
أورد أبو داود: باباً في التكني بأبي عيسى.
يعني بهذا الاسم بالذات الذي هو أبو عيسى، ولعل المقصود من ذلك الإشارة إلى عيسى بن مريم عليه السلام، وأنه ليس له أب، وأن الإنسان الذي يكنى بأبي عيسى يكون متشبهاً بشيء غير صحيح ولا وجود له.
وأورد أبو داود حديث المغيرة بن شعبة بالنسبة للمرفوع؛ لأن المرفوع هو عن المغيرة بن شعبة وعمر رضي الله عنه له الأثر، فـعمر رضي الله عنه ضرب غلاماً له كنى نفسه أبا عيسى، وكذلك المغيرة كان يكنى أبا عيسى فقال له عمر رضي الله عنه: أما يكفيك أن تكنى بـأبي عبد الله؟
وكأن شهرته كانت بكنية، ومعلوم أن الشخص قد تكثر كناه وتتعدد فيقال: فلان وأبو فلان، وقد يكون السبب في ذلك أنه كني قبل أن يولد له كما يحصل من تكنية الصغار، ثم ولد له فصار يكنى بأكبر مولود، وقد يكون كني بمولود، ولكنه أول ما ولد تكنى به ثم مات، ثم ولد له مولود آخر وصار مشهوراً عند الناس فصار يكنى به.
والحاصل: أن التكنية تتعدد وتتكرر، وكأن المغيرة رضي الله عنه كانت له هذه الكنية.
وعثمان بن عفان رضي الله عنه كان يكنى بـأبي عبد الله ويكنى بـأبي عمرو، وهو مشهور بكنية أبو عمرو ؛ لأنه ولد له من إحدى بنتي النبي صلى الله عليه وسلم أم كلثوم أو رقية، وقد ذكر أنه نقره ديك في عينه ومات بسبب ذلك.
والحاصل أن الكنية تتكرر والمغيرة بن شعبة قد يكون مكنى بهذا ومكنى بهذا، وعمر رضي الله عنه أراد منه أن يحتفظ بكنية أبي عبد الله ، وأن يترك كنية أبي عيسى ، ولكن المغيرة قال: كناني بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم، فمعنى ذلك أن الكنية بـأبي عيسى سائغة مادام الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي كناه، ويكون عمر رضي الله عنه أراد الأولى والأفضل، وأن يجتنب مثل هذا اللفظ من باب الأولى لا من باب التحريم، فهذا يدل على جواز التكنية.
ثم أيضاً الأصل جواز التكنية حتى يأتي ما يمنع، ولم يأت شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم يمنع من ذلك، بل جاء ما يدل على جواز ذلك كما في هذا الحديث عن المغيرة ، ولكن عمر رضي الله عنه رأى أن الأولى أن يكنى بـأبي عبد الله بدلاً من أبي عيسى ، فقال: (إن رسول صلى الله عليه وسلم كناني، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وإنا في جلجتنا) .
قوله: (وإنا في جلجتنا) فسرت بأننا وأمثالنا من الناس لا ندري ما حالنا، ولكن هذا محمول على الأولى كما قلت، وأما الجواز فإن ذلك جائز؛ لكون النبي صلى الله عليه وسلم كنى بذلك المغيرة بن شعبة .
قال: [ فلم يزل يكنى بـأبي عبد الله حتى هلك ].
كأنه استجاب إلى ما ذكره له عمر ، وكأن الناس بعد ذلك صاروا يخاطبونه بهذا.
هارون بن زيد بن أبي الزرقاء صدوق أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا أبي ].
وهو ثقة أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا هشام بن سعد ].
هشام بن سعد صدوق له أوهام. أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن زيد بن أسلم ].
زيد بن أسلم وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
أبوه هو أسلم العدوي وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمر ].
عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أمير المؤمنين، وثاني الخلفاء الراشدين الهادين المهديين؛ صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ أن المغيرة بن شعبة ] وهو صحابي أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة؛ والمرفوع هو عن المغيرة .
حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا ح وحدثنا مسدد ومحمد بن محبوب قالوا: حدثنا أبو عوانة عن أبي عثمان وسماه ابن محبوب الجعد عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: يا بني).
قال أبو داود : سمعت يحيى بن معين يثني على محمد بن محبوب ، ويقول: كثير الحديث ].
أورد أبو داود: باباً في الرجل يقول لابن غيره يا بني.
هذا التعبير فيه لطف وعطف من الكبير على الصغير، وإن كان ليس ابناً له فإن ذلك سائغ.
روى أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول له: (يا بني)، فهذا دليل على جواز ذلك، وأنه سائغ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله، وهذا من الرحمة واللطف بالصغير، ومن العطف عليه ومن تأنيسه.
ومقابله أن يقول الصغير الكبير: يا عم، وإن لم يكن أخا أبيه، كما ثبت في الصحيح عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه لما كانوا يصفون في بدر قبل المعركة، فقال: لم يرعني إلا بشاب عن يميني وشاب عن يساري من الأنصار، فغمزني الذي عن يميني وقال: يا عم! أتعرف أبا جهل ؟ قال: وماذا تريد منه؟ قال: بلغني أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوالله لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا، يعني: حتى أموت أو يموت هو، فإما أن يقتلني أو أقتله؛ لأنه كان يسب الرسول صلى الله عليه وسلم، وقوله: (سوادي) يعني شخصي؛ لأن الإنسان من بعيد يرى أسود.
محل الشاهد كونه قال له: يا عم، وهو من الأنصار وعبد الرحمن من المهاجرين.
ثم غمزه الذي عن يساره وقال له مثلما قال الأول، فقلت: هذا أبو جهل فانطلقا وتسابقا إليه وقتلاه.
وإذا قال: يا والد أو يا والدي، يعني أنه بمنزلة والده من ناحية الكبر فلا بأس به، وكان بعض المشايخ الكبار يخاطبون مشايخهم بلفظ الوالد، وأعرف أن شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه كان إذا كتب للشيخ محمد بن إبراهيم كتاباً قال: إلى حضرة الوالد الشيخ محمد بن إبراهيم . وهذا في جميع خطاباته التي كان يكتبها له؛ لأنه من تلاميذه ومن الذين لازموه في الطلب، وكذلك كان الملك فيصل رحمه الله يقول للشيخ محمد بن إبراهيم : الوالد؛ لأن الشيخ محمد بن إبراهيم كان كبيراً، فقد ولد سنة 1311هـ، والملك فيصل ولد سنة 1324هـ، فكان عندما يذكره يقول: الوالد، وهذا قاله في خطاب ألقاه في الجامعة الإسلامية، فقال: رئيس الجامعة الوالد الشيخ محمد بن إبراهيم ونائبه الأخ العزيز الشيخ عبد العزيز بن باز ، وقد كان أكبر من الشيخ عبد العزيز ، فإنه ولد سنة 1330هـ، فبينهما سبع سنوات.
ومثل هذا: أن يقول الرجل أمي لمن هي بمنزلة الأم.
عمرو بن عون ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا ح وحدثنا مسدد ومحمد بن محبوب قالوا: حدثنا ].
قال (أخبرنا) ثم ذكر شيخين وهما مسدد ومحمد بن محبوب ، وأتى بالتحويل قبل ذكر الواسطة الثانية؛ لأن المقصود من ذلك بيان التفاوت بالصيغة؛ لأن الأول قال: (أخبرنا)، والآخران قالا: (حدثنا)، وهذا كثيراً ما يستعمله الإمام مسلم رحمه الله في كتابه فيقول: حدثنا فلان وفلان وفلان، الأولان قالا أخبرنا، والآخر قال: حدثنا، وهنا أبو داود رحمه الله ذكر التحويل بعد الصيغة من أجل أن يبين أن الاختلاف إنما هو في الصيغة فقط.
ومسدد هو: ابن مسرهد ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
و محمد بن محبوب ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا أبو عوانة ].
أبو عوانة هو: الوضاح بن عبد الله اليشكري وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي عثمان وسماه ابن محبوب : الجعد ].
معناه: أن الشيخين الأولين ما زادا على قولهم: عن أبي عثمان، وأما محمد بن محبوب فإنه ذكر اسمه إضافة إلى كنيته، فقال: الجعد بن دينار اليشكري وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن أنس ].
أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والإسناد رباعي؛ لأن ثلاثة من الشيوخ يعتبرون في طبقة واحدة: طبقة شيوخه، ثم شيوخ شيوخه، ثم شيوخ شيوخ شيوخه، ثم الطبقة الرابعة وهي طبقة الصحابة وهو أنس بن مالك رضي الله عنه، فالحديث سنده رباعي.
[ قال أبو داود : سمعت يحيى بن معين يثني على محمد بن محبوب ].
لأنه لما ذكر ابن محبوب وأنه من الرواة، وكأنه مقل من الرواية، وليس له عند أبي داود كثير رواية، ولعله من أجل ذلك أراد أن يذكر هذا الثناء عليه.
قوله: [ سمعت يحيى بن معين ].
يحيى بن معين ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
حدثنا مسدد و أبو بكر بن أبي شيبة قالا: حدثنا سفيان عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي) ] .
أورد أبو داود رحمه الله الترجمة: باب التكني بكنية رسول الله صلى الله عليه وسلم (أبي القاسم)، والتكنية بكنية رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء فيها أحاديث عديدة منها ما ذكر فيه النهي عن الكنية مع التسمي بالاسم، وفيها النهي عن الجمع بين الاسم والكنية من غير تحديد لهذا أو لهذا، وأن المقصود الجمع، ومعنى ذلك أنه لو حصل الاسم وحده فلا بأس، أو حصلت الكنية وحدها فلا بأس.
وجاءت أحاديث أخرى تدل على جواز ذلك، وأن المقصود من ذلك أنه كان في حياته صلى الله عليه وسلم لا يتكنى بكنيته، وأما بعد وفاته فلا بأس بذلك.
ولكن الذي يظهر والله أعلم أن التكنية جائزة، ولكن تركها أولى، والإنسان إذا تركها من أجل ما جاء من الأحاديث التي فيها النهي فلا شك أنه أولى، وإن فعل ذلك فهو جائز، ولا مانع منه؛ لأنه أولاً وجد أن بعض الصحابة كان يكنى بـأبي القاسم، وكذلك التكنية بعدهم كانت معروفة ومشهورة، ومنهم أبو القاسم الطبراني مشهور بكنيته، وكذلك أيضاً جاء في الحديث كما سيأتي عن علي رضي الله عنه أنه قال: إن ولد لي بعدك غلام هل أكنيه بكنيتك؟ فأجابه بنعم.
فالحاصل: أن ما تقتضيه النصوص هو جواز التكنية بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي حياته جاءت بعض النصوص أنه كان يمشي فقال رجل: يا أبا القاسم! فالتفت الرسول صلى الله عليه وسلم فقال الرجل: لم أعنك يا رسول الله فقال: (تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي).
إذاً: هناك سبب اقتضى هذا التنبيه أو هذا الإرشاد، لكن بعد وفاته صلى الله عليه وسلم جاء ما يدل على الجواز، وإن كان الأولى هو تجنب ذلك، ومن فعله فلا حرج عليه. هذه خلاصة ما يتعلق بالأحاديث الواردة في هذا الباب، وهي عديدة.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة : (تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي) . وهذا يدل على جواز الإرشاد إلى التسمية باسمه، والنهي عن التكني بكنيته، ومعناه: إفراد الكنية بالنهي.
مسدد وأبو بكر بن أبي شيبة مر ذكرهما.
[ حدثنا سفيان ].
سفيان هو ابن عيينة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أيوب السختياني ].
أيوب بن أبي تميمة السختياني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن سيرين ].
محمد بن سيرين ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
أبو هريرة رضي الله عنه مر ذكره.
[ قال أبو داود : وكذلك رواه أبو صالح عن أبي هريرة ].
يعني مثل هذه الرواية، وأبو صالح هو ذكوان السمان ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وكذلك رواية أبي سفيان وجابر ].
[ وسالم بن أبي الجعد عن جابر ].
سالم بن أبي الجعد ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وسليمان اليشكري عن جابر ].
سليمان اليشكري هو سليمان بن سليمان بن قيس اليشكري وهو ثقة أخرج له الترمذي وابن ماجة .
[ وابن المنكدر عن جابر ].
ابن المنكدر هو محمد بن المنكدر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ نحوهم وأنس بن مالك ].
أنس بن مالك صحابي مر ذكره.
و جابر كذلك مر ذكره.
ومعنى ذلك: أن هذا الذي جاء عن أبي هريرة جاء عن جابر من عدة طرق، وجاء عن أنس أيضاً.
حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من تسمى باسمي فلا يتكن بكنيتي، ومن تكنى بكنيتي فلا يتسم باسمي) ].
أورد أبو داود : [ باب من رأى أن لا يجمع بينهما ].
معناه: أنه يأخذ بواحد منهما دون الجمع، فيقال: محمد، ولا يكنى أبا القاسم، أو يكنى أبا القاسم ولكن لا يتسمى بمحمد، بل ينظر له اسماً آخر غير محمد، فلا يجمع بينهما، فأبو القاسم يمكن أن يتكنى به من لم يتسم بمحمد مثل عبد الله أو عبد الرحمن وغير ذلك من الأسماء، المهم ألا يجمع يبنهما.
والحديث فيه عنعنة أبي الزبير عن جابر وهو مدلس، والتدليس محتمل للصحة في الصحيحين، ولكنه في غير الصحيحين يؤثر، فيكون الحديث بهذا الإسناد غير صحيح؛ لأن فيه هذه العنعنة، فهو غير مستقيم بهذا الحديث.
مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا هشام ].
هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي الزبير ].
أبو الزبير هو: محمد بن تدرس المكي صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جابر ].
جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والإسناد رباعي، وهي أعلى الأسانيد عند أبي داود .
[ قال أبو داود : وروى بهذا المعنى ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة ].
أي: وروى بهذا المعنى الذي جاء من ناحية أنه لا يجمع بين الاسم والكنية، ابن عجلان وهو محمد بن عجلان المدني وهو صدوق أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
أبوه لا بأس به، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن .
عن أبي هريرة وقد مر ذكره.
[ وروي عن أبي زرعة عن أبي هريرة مختلفاً على الروايتين ].
يعني: أن الروايتين المذكورتين وهما رواية محمد بن سيرين عن أبي هريرة ورواية أبي الزبير عن جابر ، متفقتان في جزء: (تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي)، والذي فيه الإذن بالاسم دون الكنية ورواية أبي زرعة مخالفة لهما.
قوله: [ عن أبي زرعة ].
أبو زرعة بن عمرو بن جرير وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وكذلك رواية عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة اختلف فيه: رواه الثوري وابن جريج على ما قاله أبو الزبير ، ورواه معقل بن عبيد الله على ما قاله ابن سيرين ].
وعبد الرحمن بن أبي عمرة ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن أبي حاتم : ليست له صحبة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ رواه الثوري ].
الثوري هو سفيان الثوري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وابن جريج ].
ابن جريج هو: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ على ما قاله أبو الزبير ].
يعني: أن النهي هو عن الجمع بينهما.
[ ورواه معقل بن عبيد الله ].
معقل بن عبيد الله صدوق يخطئ أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .
[ على ما قاله ابن سيرين ].
على ما قاله ابن سيرين من إفراد الإذن بالاسم دون الكنية (تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي) .
[ واختلف فيه على موسى بن يسار عن أبي هريرة أيضاً على القولين ].
يعني: كما قال ابن سيرين وكما قال أبو الزبير .
[ موسى بن يسار ].
موسى بن يسار ثقة أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ اختلف فيه كذلك حماد بن خالد وابن أبي فديك ].
اختلف فيه كذلك حماد بن خالد وهو ثقة أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ وابن أبي فديك ].
ابن أبي فديك هو محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فديك صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة.
حدثنا عثمان وأبو بكر ابنا أبي شيبة قالا: حدثنا أبو أسامة عن فطر عن منذر عن محمد بن الحنفية قال: قال علي رضي الله عنه: قلت: (يا رسول الله! إن ولد لي من بعدك ولد أسميه باسمك وأكنيه بكنيتك، قال: نعم. ولم يقل
أورد أبو داود باباً في الرخصة في الجمع بينهما، وكون الإنسان يجوز له أن يسمى بمحمد ويتكنى بأبي القاسم، وذلك بعد النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الحديث الذي أورده هنا علي رضي الله عنه قال: (إن ولد لي بعدك)، يعني: بعد وفاتك، (هل أسميه باسمك؟) وهذا يدلنا على أن ما ورد كان مبنياً على أساس أنه في حياته صلى الله عليه وسلم، وقد جاء في الحديث أنه كان يمشي فنادى رجل: يا أبا القاسم! فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم يظن أنه الذي يدعى، فقال: لم أعنك يا رسول الله، وإنما عنيت شخصاً آخر، فقال: (تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي) .
فهذا كان في حياته، وهذا التعليل يبين أن النهي كان بهذه المناسبة، ثم حديث علي هذا واضح بأنه بعد وفاته يجوز الجمع بينهما، ولكن كون الإنسان يتجنب التكنية أخذاً بما جاء في الحديث (تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي) لاشك أن هذا هو أولى.
وممكن أن نستأنس للتكني بالكنية بكون أربعة من الصحابة تكنوا بأبي القاسم، وكذا بعض أهل العلم صنعوا ذلك، وفيهم من صغار الصحابة مثل محمد بن أبي بكر الذي ولد في حجة الوداع في ذي الحليفة، وهم ذاهبون إلى الحج، وله رؤية.
عثمان بن أبي شيبة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، إلا الترمذي وإلا النسائي فأخرج له في عمل اليوم والليلة.
[ حدثنا أبو أسامة ].
أبو أسامة هو: حماد بن أسامة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن فطر ].
فطر بن خليفة وهو صدوق أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ عن منذر ].
منذر بن يعلى الثوري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن الحنفية ].
محمد بن الحنفية وهو محمد بن علي بن أبي طالب المشهور بـابن الحنفية وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن علي ].
علي رضي الله عنه أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود هذا الحديث عن عائشة وهو يدل على جواز الجمع بينهما، لكن الحديث في إسناده ضعف.
قوله: [ حدثنا النفيلي ].
النفيلي مر ذكره.
[ حدثنا محمد بن عمران الحجبي ].
محمد بن عمران الحجبي مستور أخرج له أبو داود ، وهذا هو الذي فيه ضعف.
صفية بنت شيبة ولها رؤية أخرج حديثها أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين، وهي الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهو رباعي.
ولا يقال: إن حديث هذا المستور يشهد له الحديث الذي قبله؛ لأنه يختلف، لأن ذاك يتعلق بما بعد الموت، وأما هذا ففي الحياة، مع أنه هو نفسه لما نادى ذلك الرجل وقال: يا أبا القاسم! فالتفت إليه، فقال: لم أعنك فقال: (تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي) ؛ لأن حديث علي بعد الوفاة، والمحذور الذي جاء في هذا الحديث انتهى بوفاته صلى الله عليه وسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر