شرح حديث (يوشك أن يكون خير مال المسلم غنماً يتبع بها شعف الجبال...)
تراجم رجال إسناد حديث (يوشك أن يكون خير مال المسلم غنماً يتبع بها شعف الجبال ...)
شرح حديث (إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار)
تراجم رجال إسناد حديث (إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار...)
شرح حديث: (إذا تواجه المسلمان بسيفيهما ...) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده
معنى قول ابن عمر (وما أرى هذا إلا قد شقي)
المقصود بقوله في الحديث (القاتل في النار والمقتول في الجنة)
السؤال: قال في الحديث (
القاتل في النار والمقتول في الجنة) ، فهل المقصود أن من يمد عنقه هو الذي سيكون مقتولاً ويكون من أهل الجنة؟
الجواب: له وجه، ويمكن ذلك، وقد جاء في الحديث (من مشى إلى رجل من أمتي ليقتله فليقل هكذا) والمقتول أو الذي يراد قتله هو الذي يقول هكذا، وبهذا يستقيم.
أما حديث: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار)، فلا يدخل تحت هذا؛ لأن الأول إنسان يريد أن يدافع عن نفسه ولا يريد قتل الآخر، أما في الفتنة فإن كل واحد يريد قتل الآخر، وأما إذا اعتدي على إنسان فإنه يدافع عن نفسه بدون القتل، وقد يضطر إلى القتل فيكون معذوراً ولكن في ذاك الحديث: (إذا التقى المسلمان..) فكل واحد متجه لقتل الآخر، لا أن شخصاً معتدياً على آخر، والمعتدى عليه يدافع عن نفسه.
أما عن رجوعه إلى ما جاء في الحديث فهذا واضح، وإنما الإشكال هو في تطبيقه على القصة، إذ الحديث فيه قاتل ومقتول واحد في الجنة وواحد في النار، وفي القصة كل واحد منهما يقال فيه: شقي، فلا يستقيم، أو أنه ساق الحديث من أجل أن يبين أن الذي ينبغي أن يكون الإنسان هكذا، وأنه لا يكون مقاتلاً ولا حريصاً على القتل.
جواز ارتكاب أخف الضررين
السؤال: هل يمكن أن يستدل بهذا الحديث على ارتكاب أخف الضررين؟
الجواب: نعم، يستدل به.
سبب ذكر الغنم في قوله (يوشك أن يكون خير مال المسلم غنماً..)
السؤال: تخصيص ذكر الغنم من بهيمة الأنعام هل له وجه؟
الجواب: هذا مثال -والله أعلم- ولذا سبق أن مر بنا أن الإنسان يلحق بإبله كما في قوله: (من كان له إبل فليلحق بإبله، ومن كان له غنم فليلحق بغنمه، ومن كان له أرض فليلحق بأرضه)، فإن المقصود أنه يبتعد عن الفتن ويكون تبعاً لما أعطاه الله، ولكن هنا تمثيل بالغنم، لأنها أسهل من غيرها في صعود ورقي الجبال، ولكن المعنى ليس خاصاً فيها؛ لأن من كان صاحب إبل فإنه يحصل في اشتغاله بها ورعيه لها وشربه من لبنها أو درها مثلما حصل للغنم، وقد مر الحديث في هذا.
انتشار الفتن في المدن دون البدو
السؤال: هل في هذه الأحاديث إشارة إلى أن أكثر الفتن تكون في المدن دون البدو؟
الجواب: لا شك في ذلك؛ لأن البدو ليسوا مجتمعين، بل هم متفرقون متشتتون، يتبعون مواضع القطر، ويكونون في أماكن مختلفة، فالفتن غالباً تكون في المدن.
المقصود بالفتن في الأحاديث
السؤال: هل المقصود بالفتن هنا فتن الشهوات والشبهات والقتل، أو القتل فقط؟
الجواب: الذي يبدو أنه القتل، وأما الشهوات والشبهات فهذه تعالج بالتحذير منها وبيان أخطارها وأضرارها.
حكم قول (الله ورسوله أعلم) بعد وفاة الرسول
السؤال: هل يجوز أن نقول الآن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم: الله ورسوله أعلم؟
الجواب: لا يقال هذا، وإنما يقال: الله أعلم، وأما في ذلك الوقت فكان يقال: الله ورسوله أعلم؛ لأن عنده علم يخبر به، والرسول يسأل مثل هذا السؤال من أجل أن يبين، وكان المقصود من ذلك أن يستعد السامع وأن يتهيأ، أما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فلا يقال في كل شيء يسأل عنه: الله ورسوله أعلم؛ لأن هناك أموراً لا يعلمها رسول الله عليه الصلاة والسلام، مثل: لو سئل الإنسان: متى تقوم الساعة؟ فلا يقول: الله ورسوله أعلم؛ لأن الرسول لا يعلم قيام الساعة، فإذاً فيقال بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم: الله أعلم، أو لا أدري.
حتى في المسائل والأمور الشرعية عندما يسأل عنها الإنسان يقول: الله أعلم، فيجب إضافة ذلك إلى الله عز وجل، وأما الرسول صلى الله عليه وسلم فكانوا يستعملون ذلك في حياته؛ لأنه كان يخاطبهم فيقولون: الله ورسوله أعلم، ثم يعلمهم ويخبرهم، وإنما قال ذلك ليستعدوا لتلقي الجواب، مثل ما جاء في حديث معاذ بن جبل لما كان رديفه قال: (أتدري ما حق الله على العباد؟ قلت: الله ورسوله أعلم) ثم قال: حق الله كذا، وحق العباد كذا.
الاستدلال بقول النبي لأبي ذر (كيف بك؟) على وقوع الفتن في عصره
السؤال: جاء في حديث
أبي ذر في الفتن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (
كيف بك؟)، فهل يفهم من مثل هذا أن هذه الفتن ستقع في زمانه؟
الجواب: يحتمل أن تقع في زمن أبي ذر ، وفي حياة أبي ذر.
والاحتمال معناه: أنها قد تحصل وقد لا تحصل في زمانه.
عموم استعمال جواب (لبيك وسعديك) لكل أحد
السؤال: هل قول: (لبيك وسعديك) خاص بالله؛ حيث إن بعض الصحابة قال في التلبية في الإحرام: (
لبيك وسعديك والرغباء إليك)؟
الجواب: ليس خاصاً بالله؛ لأنه يقال لله ولغير الله، ولهذا قاله الصحابة يجيبون النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الجواب، فهذا جواب أبي ذر ، وكذلك أيضاً جواب معاذ قال: (لبيك وسعديك).
حكم البداوة في هذا الزمان خوفاً من الفتن
السؤال: هل يجوز البداوة في هذا الزمان باعتبار كثرة الفتن؟
الجواب: الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أولى ممن يعتزلهم، والفتن التي يكون فيها اعتزال هي ما جاء في الأحاديث والمقصود بها الاقتتال، وأما وجود فتن شهوات وشبهات فيخالط الناس ويحذر من تلك الفتن، ويبين الحق ويحذر من الباطل.
توجيه مشاركة بعض الصحابة في بعض الفتن
السؤال: إذا كان الاعتزال هو الأفضل في زمن الفتن، فبماذا يوجه فعل بعض الصحابة رضي الله عنهم حيث شاركوا في بعض المواقع؟
الجواب: اجتهدوا في طلب الحق.
الجمع بين أحاديث قتال الفتنة ودفع الصائل بأخف ضرر
السؤال: هذا نقل في كيفية الجمع بين الأحاديث التي فهمنا منها بعض التعارض في أن الصائل يدفع ولو بالقتل، وبين أن يكون الإنسان كخير ابني آدم، نقلاً عن المنهج الشرعي في مواجهة الفتن صفحة 109، وهو ينقل عن إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة، للشيخ
حمود التويجري . يقول: لا تعارض بين مبدأ الدفاع عن النفس ومبدأ اعتزال الفتنة وكف اليد واللسان عنها، فإن الدفاع عن النفس مشروع في غير أيام الهرج، أما أيام الهرج فالمشروع فيها كف اليد واللسان ولزوم البيت، وإذا دخل على المسلم أحد في بيته من أهل الفتنة فإنه مأمور بأن يكون كخير ابني آدم، والله أعلم.
الجواب: لكن كما هو معلوم خير ابني آدم الذي حصل منه أنه ما قتل وما أراد القتل، لكن كونه يدفع بدون القتل هذا فيه إحسان إلى نفسه، وفيه إحسان إلى القاتل بالحيلولة بينه وبين أن يقع في أمر خطير، فإن الدفاع بشيء دون القتل أو بمنع القاتل من القتل بمسكه أو بتقييده أو ما إلى ذلك من الأمور، فهذا فيه مصلحة للقاتل والمقتول.
يعني إذا دخل عليه بيته يمنعه بدون أن يقاتله .
وقوله:
لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ
[المائدة:28] كأن المقصود به لن أبسطها لأقتلك، لكن كونه يرده ويمنعه فلا شيء ينفيه.
وهنا في العون يذكر مسألة يقول: قال القاري : والصواب أن الدفع جائز إذا كان الخصم مسلماً إن لم يترتب عليه فساد، بخلاف ما إذا كان العدو كافراً؛ فإنه يجب الدفع ما أمكن؛ لأنه إذا قتل قتل كافراً وما قتل مسلماً.
شر فتنة الخلاف في الدين
السؤال: هل وقوع الخلاف بين طلاب العلم والدعاة في مناهج الدعوة إلى الله من الفتن؟
الجواب: لا شك أن هذا من الفتن، ومن فتنة الناس في دينهم كونهم يتفرقون ويتحزبون. والفتن كما هو معلوم ليست كلها مجرد قتل؛ لأن الفتن فيها ظاهر وفيها خفي وفيها قتل، وفيها فتنة في الدين، وفتنة الأهل والمال، وفتنة في أمور كثيرة.
ولا يقال: إن اعتزال الكلام في هذه المناهج هو الأفضل، وإنما يبين الحق ليتبع والباطل ليترك وليحذر.