حدثنا عثمان وأبو بكر ابنا أبي شيبة المعنى قالا: حدثنا أبو معاوية عن أبي مالك الأشجعي عن ابن حدير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها- قال: يعني الذكور- أدخله الله الجنة) ولم يذكر عثمان : يعني الذكور ].
أورد أبو داود [ باباً في فضل من عال يتيماً ].
يعني: قام على شئونه ورعايته وكفالته والإحسان إليه وتنشئته.
واليتيم: هو الذي مات أبوه؛ لأن والده هو الذي يرعاه ويقوم بالإنفاق عليه وبالاكتساب له.
فاليتم هو من جهة الأب؛ لأنه هو الذي يسعى لجلب الرزق له، وإذا فقده فإنه يعتبر يتيماً، فإذا أحسن إنسان إلى يتيم وقام مقام أبيه في الرعاية والإحسان إليه؛ فإنه يعتبر كافل اليتيم أو عائلاً لليتيم.
أورد أبو داود حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كانت له أنثى فلم يئدها).
يعني: لم يفعل فعل الجاهلية بها، وذلك أنهم كانوا يدفنونها حية؛ وذلك خشية الفقر والعار، وقد جاء ذلك في القرآن: وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [التكوير:8-9].
قوله: [ (ولم يهنها) ] يعني: لم يحصل منه إهانة لها، وإساءة إليها، مثل ما كانوا في الجاهلية، فقد كانوا يسيئون إلى المرأة ويهينونها ولا يعطونها ما تستحق.
قوله: (ولم يؤثر ولده عليها) المقصود بالولد الذكر كما جاء عن أحد الرواة: (قال: يعني الذكور) وذلك أن الولد يطلق على الذكور والإناث، كما قال الله عز وجل: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11]، وكذلك يقال: الأم لها الثلث إذا لم يكن للميت ولد، والولد يطلق على الذكر والأنثى، فالولد سواء كان ذكراً أو أنثى يحجب الأم من الثلث إلى السدس.
قوله: [ (أدخله الله الجنة) ] يعني: جزاؤه أن يدخله الله الجنة.
والحديث في إسناده ضعف، ولكن الإحسان إلى البنات، وتربيتهن وتنشئتهن والإحسان إليهن جاء فيه أحاديث، ولكن الحديث بهذا الإسناد ضعيف.
عثمان بن أبي شيبة وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة.
وأما أخوه أبو بكر فهو عبد الله بن محمد ، وهو مشهور بكنيته أبي بكر ، وهو من شيوخ الشيخين، وأخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، ومسلم أكثر من الرواية عنه حتى بلغت أحاديثه التي رواها عنه أكثر من ألف وخمسمائة حديث، وهو أكثر شيخ روى عنه مسلم في صحيحه.
[ حدثنا أبو معاوية ].
هو محمد بن خازم الضرير الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي مالك الأشجعي ].
هو سعد بن طارق وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن ابن حدير ].
وهو مستور، أخرج له أبو داود .
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي عليه الصلاة والسلام، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (من عال ثلاث بنات فأدبهن وزوجهن وأحسن إليهن فله الجنة) وهذه الثلاث سواء كن بنات له أو أخوات، كل ذلك يدخل تحت عموم الحديث مادام أنه هو القائم عليهن، وقد أحسن إليهن وعالهن حتى بلغن مبلغ الزواج وزوجهن، حصل منه الإحسان إليهن فجزاؤه الجنة عند الله عز وجل.
بالنسبة للأخوات اللاتي مات عنهن أبوهن فقام أخوهن بإعالتهن والإحسان إليهن، فهذا يدخل تحت باب في فضل من عال يتيماً، أما بنات الرجل فلا يعتبرن يتيمات، ولكن الإحسان إليهن فيه الأجر العظيم والثواب الجزيل من الله سبحانه وتعالى.
هو مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا خالد ].
هو خالد بن عبد الله الطحان الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا سهيل يعني ابن أبي صالح ].
سهيل بن أبي صالح وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، والبخاري روايته عنه مقرونة.
[ عن سعيد الأعشى قال أبو داود : وهو سعيد بن عبد الرحمن بن مكمل الزهري ].
سعيد بن عبد الرحمن بن مكمل الزهري وهو مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود والترمذي .
[ عن أيوب بن بشير الأنصاري ].
أيوب بن بشير الأنصاري له رؤية، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود والترمذي .
[ عن أبي سعيد الخدري ].
أبو سعيد الخدري رضي الله عنه اسمه سعد بن مالك بن سنان ، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والحديث في إسناده هذا الرجل المقبول، ولكنه قد جاء ما يدل على فضل من عال ثلاث بنات وأحسن إليهن، أو عدداً من البنات وأحسن إليهن في أحاديث عدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وفيه أنه فصل في التي حصل إعالتهن أنهن ثلاث بنات أو أخوات أو بنتان أو أختان.
قوله: [ حدثنا يوسف بن موسى ].
يوسف بن موسى هو صدوق، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي في مسند علي وابن ماجة .
[ حدثنا جرير ].
هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سهيل بهذا الإسناد ].
أي: بالإسناد المتقدم.
أورد أبو داود حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنا وامرأة سفعاء الخدين كهاتين يوم القيامة -وأومأ
يعني: تأيمت من زوجها ومات عنها وعندها بنات، فلم تتزوج من أجل أن ترعاهن وتحافظ عليهن، فآثرت البقاء بدون زوج مع بناتها للإحسان إليهن وتربيتهن وتنشئتهن، وهي ذات منصب وجمال ليست مرغوباً عنها، بل فيها من الصفات ما يقتضي الرغبة فيها، ولكنها آثرت البقاء معهن دون أن تتزوج.
قوله: [ (سفعاء الخدين) ] السفع: المقصود به حصول كدرة أو شيء يغير لون البشرة، وقيل: إنه بسبب أنها لم تتزوج فلا تحتاج إلى التجمل، ولا إلى أن تتهيأ للزوج، بل بقيت على هذا الوصف بسبب ترك التزين، لا أن ذلك عيب فيها أو أنه شيء في أصل خلقتها، وإنما هو بسبب ابتعادها أو تركها للزواج وتركها التجمل والتزين للزوج.
قوله: [ (ذات منصب وجمال) ] هذا ليس له مفهوم، بمعنى أن هذا الأجر لا يكون إلا لمن تكون كذلك، بل إن غيرها لو حصل منها مثل ما حصل من هذه، فإنه يكون لها ذلك الأجر، ولكن ذكرت ذات المنصب والجمال؛ لأن هذا مما يرغب فيها ومما يشجع على الإقدام على خطبتها والزواج منها، فكونها ذات شرف وذات حسب ومع ذلك جميلة فإن النفوس تطمع فيها وترغب فيها؛ ولهذا جاء في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله: (ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله) يعني: دعته إلى نفسها وهي متصفة بهذه الصفات التي تدعوه إلى الميل إليها والرغبة فيها، ولكنه لبعده عن الفاحشة وبعده عن معصية الله عز وجل امتنع من ذلك وقال: إني أخاف الله.
مسدد مر ذكره.
و يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا النهاس بن قهم ].
النهاس بن قهم وهو ضعيف، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ حدثني شداد أبو عمار ].
شداد أبو عمار وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عوف بن مالك الأشجعي ].
عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
ويفهم من الحديث الحث على عدم الزواج لمن مات عنها زوجها، لكن هذا يرجع إلى حالها وإلى ما تعرفه من نفسها، فإذا كان عندها أولاد والزواج يؤثر في ضياعهم، وهي أيضاً كذلك عندها صبر ولا تخشى على نفسها من الفتنة ومن الأمور المحرمة، فلا شك أن بقاء المرأة دون زواج من أجل أولادها أمر مطلوب، لكن الحديث ضعيف.
حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان أخبرنا عبد العزيز -يعني ابن أبي حازم - حدثني أبي عن سهل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة. وقرن بين أصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة: [ باب فيمن ضم اليتيم ].
يعني: أنه كفله وقام برعايته والإحسان إليه، والباب السابق فيمن عال يتيماً.
ويمكن أن يحمل ما جاء في الترجمة السابقة على الإنفاق عليه، وهذه الترجمة على أنه أتى به وجعله عنده، وقام برعايته والإحسان إليه، فجمع بين كونه ينفق عليه وبين كونه يباشر تأديبه والإحسان إليه.
أورد أبو داود حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة. وقرن بين أصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام).
هذا فيه إشارة إلى أنه يكون معه الجنة، ولا يعني ذلك أنه يكون معه في درجته.
ولا شك أن هذا خير عظيم، والإنسان إذا دخل الجنة، فإنه يجد فيها كل ما تشتهيه نفسه، ويرى أن هذا الذي هو فيه ليس فوقه شيء، وليس هناك شيء أحسن منه، كما أن المعذبين في النار أهونهم عذاباً يرى أنه ليس هناك أحد أشد منه عذاباً، مع كونه أخف الناس عذاباً.
محمد بن الصباح بن سفيان صدوق، أخرج له أبو داود وابن ماجة .
[ أخبرنا عبد العزيز يعني ابن أبي حازم ].
عبد العزيز بن أبي حازم صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني أبي ].
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سهل ].
هو سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وهذا إسناد رباعي وهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود .
وحديث: (من كانت له أنثى فلم يئدها، ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها أدخله الله الجنة).
يفهم منها أنه هو المباشر، لكن كأن أبا داود رحمه الله ذكر هناك كونه يعول اليتيم، وهنا ذكر الضم الذي فيه زيادة إحسان، وأنه قد يكون الكافل أجنبياً وليس قريباً لليتيم، وأما تلك الأحاديث ففيها أن الكافل والعائل لليتيم يكون من أوليائه كأمه مثلاً، أو أعمامه.
حدثنا مسدد حدثنا حماد عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى قلت: ليورثنه) ].
أورد أبو داود [ باباً في حق الجوار ].
والمقصود بالجوار المجاورة في المسكن، كأن يكون قريباً من الإنسان سواء كان ملاصقاً أو غير ملاصق؛ لأن الجيران متعددون، ولكن من يكون ملاصقاً ويكون بابه قريباً فحقه أعظم وهو مقدم على من يكونون وراءه ومن يكونون أبعد منه، وكلهم لهم حق ولكن هم متفاوتون على حسب القرب.
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى قلت: ليورثنه) يعني: أنه ينزل بالوحي الذي فيه الوصية بالجار، حتى ظن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه سيكون له نصيب من الميراث، وهذا هو الأقرب في معنى الحديث، وبعضهم قال: إنه ينزل منزلة الوارث في التعظيم، ولكن كونه قال: (حتى قلت: ليورثنه) واضح بأنه ظن أنه سيكون له نصيب من الميراث.
وهذا يدل على عظم شأن حق الجار، وأنه مادام بهذه المنزلة فحقيق أو حري أن يجعل له نصيب من مال الإنسان إذا مات.
فمعنى ذلك أن حق الجار عظيم، وأن الإنسان يحسن إليه ويهدي إليه، ويصل إليه معروفه في حياته مادام أن الرسول صلى الله عليه وسلم ظن أنه سيورث ويجعل له نصيب من ماله إذا مات، وإن لم يحصل التوريث، والتوريث إنما هو للأقارب كما جاء في الكتاب والسنة.
وجاءت أحاديث كثيرة تدل على حق الجار وعلى الابتعاد عن أذاه، وأن أذى الجار أعظم من إيذاء غيره؛ لأن له حقاً على جاره، ولهذا جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره) وقال صلى الله عليه وسلم: (والله لا يؤمن، من لا يأمن جاره بوائقه) يعني: غوائله وشروره.
وقوله: [ (حتى قلت: ليورثنه) ].
يمكن أن يكون قسماً، مثل قول الرجل لأخيه: لتفعلن، ولم يذكر لفظ الجلالة، فهذا يحتمل القسم وغيره.
هو حماد بن زيد بن درهم وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وإذا جاء مسدد يروي عن حماد، فالمقصود به ابن زيد كما أن موسى بن إسماعيل إذا جاء يروي عن حماد فالمقصود به حماد بن سلمة ، وذكر المزي ذلك في تهذيب الكمال.
[ عن يحيى بن سعيد ].
هو يحيى بن سعيد الأنصاري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي بكر بن محمد ].
[ عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمرة ].
هي عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية وهي ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وهي الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بعد الحديث السابق، وفيه نفس ما في الحديث الذي سبق، والحديث هنا يحمل على العموم، وأن حق الجوار يكون لكل جار، سواء كان مسلماً أو كافراً، وسواء كان طائعاً أو عاصياً.
وأهم شيء يكون للجيران من الحقوق إذا كانوا كفاراً أو كانوا فسقة نصحهم ودعوتهم إلى الخير.
و عبد الله بن عمرو رضي الله عنه كان له جار يهودي فلما ذبحوا شاة قال: أطعمتم جارنا اليهودي؟ ثم ذكر الحديث، وهو يدل على أن الحديث عام يشمل الإحسان إلى كل جار سواء كان مسلماً أو كافراً؛ لأنه إذا كان مسلماً فله حق الإسلام والجوار، وإن كان كافراً فله حق الجوار فقط، وإن كان قريباً مع كونه مسلماً فله حق الإسلام والقرابة والجوار.
هو محمد بن عيسى الطباع وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا سفيان ].
هو سفيان بن عيينة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن بشير أبي إسماعيل ].
وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن مجاهد ].
هو مجاهد بن جبر المكي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عمرو ].
هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وهم: عبد الله بن عمرو بن العاص ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو جاره فأمره بالصبر، ثم عاد إليه بعد ذلك فقال: خذ متاعك واجلس على الطريق، ففعل ذلك فكان من مر به سأله، قال: من أجل كذا وكذا، فصار الناس يسبون جاره، فتأذى وتألم جاره وجاء وقال له: ارجع ولا ترى مني إلا خيراً.
وهذا يدلنا على فضل الإحسان إلى الجار والبعد عن أذاه، وأن في أذاه ضرراً، وأن الإنسان إذا حصل له شيء من الأذى، فإنه يصبر على أذى جاره ولو أساء إليه.
هو الربيع بن نافع أبو توبة الحلبي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
و أبو توبة هذا هو الذي جاءت عنه الكلمة المشهورة: أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ستر لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن من اجترأ عليه اجترأ على غيره.
[ حدثنا سليمان بن حيان ].
هو أبو خالد الأحمر وهو صدوق يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
يأتي أحياناً ذكره أبو خالد الأحمر ، وأحياناً يذكر باسمه كما هنا، ومعرفة كنى المحدثين فائدتها ألا يظن الشخص الواحد شخصين، فإذا جاء في إسناد أبو خالد الأحمر ، وجاء في إسناد آخر سليمان بن حيان ، فالذي لا يعرف أن سليمان بن حيان هو أبو خالد الأحمر وأن هذه كنيته يظن أبا خالد الأحمر شخصاً وسليمان بن حيان شخصاً آخر، وهما شخص واحد.
[ عن محمد بن عجلان ].
هو محمد بن عجلان المدني وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
و محمد بن عجلان ذكروا في ترجمته أن أمه حملت به ثلاث سنين.
[ عن أبيه ].
هو عجلان وهو لا بأس به، وهي بمعنى صدوق، وقد أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي هريرة ].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر السبعة من الصحابة الذين اشتهروا بكثرة الحديث رضي الله تعالى عنهم.
يعني: يسبونه، عبر باللعن عن السب؛ لأن لعن المعين لا يجوز، ولكن اللعن هنا هو بمعنى السب، ومثله الحديث الآخر الذي قال فيه: (خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتدعون لهم ويدعون لكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم) معناه السب.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) وهذا من أدلة إكرام الضيف والإحسان إليه.
قوله: [ (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره) ] يعني: لا يصل إليه منه أذى، بل يصل إليه الإحسان والبر، ويبعد عنه ضره وشره، ويكف عنه الأذى.
قوله: [ (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) ] يعني: إن كان متكلماً فليتكلم بخير وإلا فليسكت؛ لأن الإنسان إذا كان كلامه في خير نفعه، وإن كان كلامه في غير ذلك فإنه يضره، والسكوت خير له من الكلام الذي يترتب عليه مضرة.
ويأتي في الكتاب والسنة الجمع بين الإيمان بالله واليوم الآخر؛ لأن الإيمان بالله هو الأصل والإيمان بالملائكة والكتب والرسل وغير ذلك تابعة للإيمان بالله، فمن لا يؤمن بالله لا يؤمن بهذه الأشياء.
فالجمع بين الإيمان بالله واليوم الآخر؛ لأن الإيمان بالله هو الأصل، واليوم الآخر فيه تذكير بالجزاء والحساب، وأن على الإنسان أن يستعد لذلك اليوم ويخشى العقوبة فيه؛ ولهذا جاء الجمع بينهما في هذه الأمور الثلاثة.
ومن ذلك في القرآن قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [النساء:59] وقال تعالى: (ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [البقرة:232] والسنة منها هذا الحديث ومنها (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم) ويأتي كثيراً في الكتاب والسنة الجمع بين ركنين من أركان الإيمان الستة.
محمد بن المتوكل العسقلاني صدوق، أخرج حديثه أبو داود .
[ حدثنا عبد الرزاق ].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا معمر ].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة ].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
وقد مر ذكره.
قال أبو داود : قال شعبة في هذا الحديث: طلحة رجل من قريش ].
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: (إن لي جارين فبأيهما أبدأ؟ قال: بأقربهما باباً) وهذا إذا لم يمكن الإحسان إليهما جميعاً، وكان ما يراد إيصاله لا يكفي للاثنين، فلا بد من تقديم وتأخير فيقدم من كان أقرب باباً؛ وذلك لأن من كان أقرب باباً يرى ما يدخل ويخرج فتتشوف نفسه، بخلاف الذي يكون بابه ليس قريباً من الباب، فإنه لا يرى ما يدخل إلى بيت جاره.
ثم أيضاً من يكون قريب الباب يحتاج إلى إسعاف أو معونة عند حصول أمر طارئ، فهو يحتاج إلى المبادرة والوصول بسرعة، فإن من يكون أقرب باباً يتحقق به ذلك بخلاف البعيد.
فإذاً: إذا لم يمكن الإحسان إلى عدد من الجيران واحتاج إلى أن يقدم ويؤخر فالذي يقدم من يكون أقرب باباً، كما جاء في هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
سعيد بن منصور ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أن الحارث بن عبيد ].
الحارث بن عبيد وهو صدوق يخطئ، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأبو داود والترمذي .
[ عن أبي عمران الجوني ].
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن طلحة ].
هو طلحة بن عبد الله وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .
[ عن عائشة ].
عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وقد مر ذكرها.
[ قال أبو داود قال: شعبة في هذا الحديث: طلحة رجل من قريش ].
يعني: هذا الشخص الذي ذكره هنا عرفه بأنه رجل من قريش، وهو طلحة بن عبد الله التيمي .
الجواب: هؤلاء يتشبثون بخيوط العنكبوت كما يقال، ويبحثون عن شيء يبنون عليه باطلهم.
المظاهرات من قبيل الفوضى، وهذا الرجل أمره الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يفعل ذلك حتى إن جاره يتأثر بسبب ذلك.
ثم أيضاً في هذا الزمان لا يقال: إن كل من يشتكي جاره يكون مصيباً، قد يكون هذا الذي يشتكي جاره هو الأظلم، بخلاف هذا الذي أرشده الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه مظلوم.
في هذا الزمان بعض الجيران يحصل بينه وبين جاره شيء، وكل واحد يقول إنه يؤذيني، وقد يكون هذا الذي خرج وأظهر متاعه أسوأ من ذلك الذي لم يخرج متاعه، فلا يقال إن الحديث على إطلاقه في كل جار؛ لأن أحوال الناس تتفاوت وتتغير، مثل ما مر بنا في حديث ابن عمر في البر من كون أبيه عمر رضي الله عنه قال له: طلق امرأتك!
فالناس يتفاوتون، فبعض الآباء قد يكون هو نفسه السيئ، وقد يكون نفسه هو الذي عنده انحراف وعنده فسق، والزوجة تكون صالحة، فلا يقال: إن كل أب يكون مثل عمر ، ولا يقال أيضاً: كل جار يكون مثل هذا الذي أرشده الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن يخرج متاعه إلى الطريق.
الجواب: هذا حديث ضعيف، لكن إذا حصل منهم إفساد أو ضرر فهذا مطلوب، وأما إذا لم يحصل فإن السنة جاءت بالإتيان بالصبيان إلى المسجد، وفي الحديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخل في الصلاة يريد التطويل ثم يسمع بكاء الصبي فيخفف الصلاة) أي: خوفاً على أمه وشفقة عليها، وهذا يدل على الإتيان بهم.
الجواب: لا أعلم شيئاً ثابتاً في هذا، ومعلوم أن المقابر لا يفعل فيها إلا ما قد ورد، وهي إنما يذهب إليها لدفن الجنائز ولزيارة القبور، أما أن يقرأ فيها على أصحابها القرآن فإنا لا نعلم شيئاً ثابتاً في ذلك، لا عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة.
الجواب: احرص على هدايته ولا تيئس، وتكلم معه وزوده بالأشرطة وبالكتب المفيدة.
الجواب: لا تنافي بين الإحسان وعدم البدء بالسلام؛ لأن الإنسان يأتي بما جاء في السنة، فيأتي بكونه يبغضه في الله عز وجل وكونه يحسن إليه بحكم الجوار، وأعظم الإحسان إليه هو أن يدعى إلى الإسلام وأن يسعى إلى هدايته، مثل ما جاء في حديث عبد الله بن عمرو الذي قال فيه: (هل أعطيتم جارنا اليهودي؟) يعني: من تلك الشاة التي ذبحوها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوصي بالجار حتى قال: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه).
الجواب: لاشك أن كل من أحسن فله أجر إحسانه، وإذا كان زوجها فقيراً وقد عملت ما عملت فلا شك أن هذا خير لها، وإذا كان أيضاً غنياً ولكنه بخيل وفعلت ما فعلت فلا شك أنه خير لها، ففي جميع الأحوال هي على خير.
الجواب: إذا تصدقت بها عن صاحبها فهذا أمر حسن.
الجواب: جاء في الأحاديث أن بعضهم مسخوا إلى قردة وخنازير، لكن الذين مسخوا ليس لهم نسل، كما جاء في الحديث عن أم سلمة : (أنه ليس للأمة التي مسخت نسل) فقد عرفنا في الحديث أن الذين مسخوا ليس لهم نسل، ولكن لاشك أنهم إخوان القردة والخنازير وأشباه القردة والخنازير.
الجواب: الذي يبدو أن النهي للكراهة وليس للتحريم، أما من نام في غرفة وحده في الفندق فهذا لا يعتبر بات وحده؛ لأنه لو حصل له شيء فإنه يستطيع أن يطرق الباب إذا كان عنده مشكلة كمرض أو غير ذلك ويأتيه الناس، لكن الذي يكون في مكان وحده أو في غرفة والغرفة في بيت كبير قد يحصل له أمر يعوقه فيحتاج إلى من يسعفه، ويحتاج إلى من يساعده ويغيثه فلا يتمكن.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر