حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: [ (لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لغازٍ في سبيل الله، أو لعامل عليها، أو لغارم، أو لرجل اشتراها بماله، أو لرجل كان له جار مسكين فتصدق على المسكين، فأداها المسكين للغني) ].
أورد أبو داود باب: من يجوز له أخذ الصدقة وهو غني، وقد سبق أن مر أن الصدقة لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب، وجاء هنا أن بعض الأغنياء يأخذون منها لكن ليس للغنى، وإنما لأوصاف أُخر غير الغنى، فلا ينافي هذا ما تقدم؛ لأن المنع هناك من أجل الغنى، والجواز هنا من أجل وصف آخر غير الغنى.
وقد أورد أبو داود حديثاً مرسلاً عن عطاء بن يسار ، وسيذكره بعد هذا مسنداً من حديث أبي سعيد .
وهذا المرسل فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لغاز في سبيل الله)، وهو المجاهد في سبيل الله، فله أن يأخذ من الزكاة ولو كان غنياً؛ لأنه يصرف على نفسه في الجهاد في سبيل الله، فيجوز له أن يأخذ من الصدقة لا لغناه ولكن لكونه مجاهداً في سبيل الله، فهو داخل في مصرف: في سبيل الله، وهو أحد مصارف الزكاة كما قال تعالى: وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ [التوبة:60]، وسبيل الله هو الجهاد في سبيل الله، فالغازي مجاهد في سبيل الله، وهو من أهل الزكاة ولو كان غنياً.
قوله: (أو لعامل عليها)، أي: الذي يشتغل في جبايتها، فإنه يأخذ أجرة مقابل عمله ولو كان غنياً، ولا يلزم أن يكون العامل عليها فقيراً حتى يأخذ منها، فالفقير يأخذ لفقره، والعامل يأخذ لعمله سواء كان غنياً أو فقيراً.
وإذا كان موظفاً من الحكومة فإذا كان ذلك ما يسمونه (بدل انتداب) فإنه إذا سافر عن محل عمله يحصل مقابل ذلك غير الوظيفة؛ لكونه انتقل من بلده إلى بلد آخر، فهذا من جنسه إذا كان موظفاً وكان عمله خارج البلد، وأما إذا كان في داخل البلد فهو في حكم الوظيفة.
قوله: (أو لغارم)، الغارم هو الذي استدان وتحمل مالاً للإصلاح بين الناس، فإنه يعطى من الزكاة لكونه غارماً لا لكونه غنياً، وهو من الأصناف الثمانية كما في آية التوبة.
قوله: (أو لرجل اشتراها بماله) فلو أن فقيراً تُصدِّق عليه بصدقه فباعها، فاشتراها غني فإن الذي اشتراها بماله وهو غني إنما وصلت إليه الصدقة عن طريق الشراء، ولم تصل إليه الصدقة عن طريق التصدق عليه، وإنما جاءت عن طريق تملكها بالمال الذي دفعه في مقابلها، فإذاً هي صدقة وصلت إلى غني، لكن عن طريق الشراء، ولا يكون هو المتصدق.
وأما لو كان هو المتصدق فقد سبق أن مر بنا قصة عمر عندما حمل على فرس في سبيل الله، ثم وجده يباع فذهب يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهاه عن شرائه، وقال: لا تعد في صدقتك، والسبب في هذا -والله أعلم- أن بائع الصدقة إذا باعها على المتصدق فلعله أن يداريه ويراعيه؛ لأن له معروفاً وإحساناً عليه فيتسامح معه، بخلاف غيره فإنه لا يستحي منه، وقد ذكر في (عون المعبود) خلافاً في هذا، فمنهم من قال بكراهة ذلك، ومنهم من قال: إن البيع مفسوخ، والذي يظهر أن الإنسان ليس له أن يشتري الصدقة، والمقصود هنا صدقة غيره.
قوله: (أو لرجل كان له جار مسكين فتصدق على المسكين فأداها المسكين للغني)، أي: فإنها عند ذلك تخرج عن كونها صدقة؛ لأنّ الإنسان الذي أعطيت له صارت له ملكاً، فله أن يتصرف فيها كيف يشاء، وذلك إما بالبيع أو الإهداء أو غير ذلك، فالصورة السابقة فيها بيع، وهذه الصورة فيها إهداء، فسواء خرجت من الفقير إلى غيره من الأغنياء عن طريق البيع كما هي الصورة السابقة، أو عن طريق الإهداء كما في هذه الصورة الأخيرة؛ فكل ذلك سواء، وذكر الجار هنا لا مفهوم له، فلو تصدق على مسكين ليس جاراً له فالأمر سواء، وإنما ذكر الجار على سبيل المثال، ولأن التهادي يكون غالباً بين الجيران.
وفي بعض النسخ: (فأداها) بدلاً من (أهداها) والنتيجة واحدة، فـ(أداها) أي: أعطاه إياها، و(أهداها) أي: أعطاه إياها هدية، فالمعنى كله صحيح.
عبد الله بن مسلمة مر ذكره، ومالك بن أنس إمام دار الهجرة، الفقيه المحدث الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن زيد بن أسلم ].
زيد بن أسلم المدني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عطاء بن يسار ].
عطاء بن يسار ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهو إذاً مرسل، لكن الحديث الذي سيأتي بعده متصل.
وهو كالسابق.
قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ].
الحسن بن علي الحلواني ثقة أخرج له أصحاب الكتب إلا النسائي .
[ حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري ].
وقد مر ذكرهم جميعاً.
[ قال أبو داود : ورواه ابن عيينة عن زيد كما قال مالك].
قوله: كما قال مالك ، أي أنه مرسل، يعني: عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[ ورواه الثوري عن زيد قال: حدثني الثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ].
وهذا أيضاً مرسل، فإنه لم يسم من حدثه.
أورد أبو داود حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تحل الصدقة لغني إلا في سبيل الله) يعني: غازياً في سبيل الله، وهذا قد مر في السابق.
قوله: (أو ابن السبيل)، وهذا ليس في الرواية السابقة، لكنه يدخل أيضاً؛ لأن ابن السبيل المنقطع ولو كان غنياً في بلده فإنه يعطى ما يوصله إلى بلده.
قوله: (أو جار فقير يتصدق عليه فيهدي لك، أو يدعوك) وهذا مثل الأول، ومعنى ذلك أن يصنع وليمة فيدعوك لتأكل منها، فهي صدقة عليه، وبعد أن ملكها فإنه يتصرف فيها بالإهداء أو بالإطعام، فلا حرج على الغني بأن يتناول شيئاً من طعام الفقير الذي تصدق به عليه، أو يقبل هدية منه، ويشبه ذلك ما جاء في قصة بريرة رضي الله عنها أنه تصدق عليها وأنهم أكلوا مما تصدق به عليها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (هو لها صدقة، ولنا هدية) يعني: منها، فدل هذا على أن الفقير إذا ملك شيئاً فإنه يتصرف فيه كيف يشاء إما بالإهداء، أو بالإطعام، وأنه لا حرج على الغني إذا أكل أو طعم من طعام المتصدق عليه، أو أخذ هدية من المتصدق عليه، وهو مثل الذي قبله إلا أن فيه زيادة ابن السبيل.
محمد بن عوف الطائي ثقة أخرج له مسلم ، وأبو داود والنسائي في (مسند علي)
[ حدثنا الفريابي ].
الفريابي هو محمد بن يوسف الفريابي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا سفيان ].
سفيان هو الثوري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمران البارقي ].
عمران البارقي مقبول أخرج له أبو داود .
[ عن عطية ].
هو عطية بن سعد العوفي ، وهو صدوق يخطئ كثيراً، أخرج حديثه البخاري في (الأدب المفرد) وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
وهذا الحديث ضعفه الألباني ، ولعله من أجل عطية ومن أجل عمران البارقي ، فالأول يخطئ كثيراً، والثاني مقبول، ولكن ذكر الغازي في سبيل الله والفقير الذي يتصدق عليه موجود في الحديث السابق، وأما ابن السبيل فهو وإن كان غنياً في بلده فإن غناه لا ينفعه في هذه الحال، فلا بأس أن يعطى من الزكاة ما يوصله إلى بلده، وقد جاء بذلك القرآن، وهو مطلق فيعطى سواء كان غنياً أو فقيراً، وإذا كان ابن السبيل منقطعاً فإنه يعطى ولو كان كافراً.
ومما لم يذكر أيضاً المؤلفة قلوبهم، فإنهم يعطون مع غناهم، فالتأليف أمر خارج عن الغنى، أما لو كانوا فقراء فإنهم يعطون لفقرهم، أما في التأليف فيعطى مع غناه ولو كان كافراً.
[ قال أبو داود : ورواه فراس وابن أبي ليلى عن عطية عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ] .
فراس يحيى الهمداني ، صدوق ربما وهم أخرج له أصحاب الكتب الستة.
و ابن أبي ليلى هذا يحتمل أنه محمد بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى وهو ضعيف، أو عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، والأول أقرب؛ لأنه المتبادر إلى الذهن عند الإطلاق.
الجواب: إن كنت متبرعاً فلا تطلب منهم شيئاً، وإن كنت فعلت ذلك على أساس أنهم يعطونك، فلا بأس أن تأخذ إذا أعطوك.
الجواب: لا يعتبرها زكاة، فإن الزكاة حق يجب إخراجه للفقراء والمساكين، والشيء الذي أخذ منه بغير حق لا يعتبر مقابل هذا الحق الذي هو لازم للفقراء والمساكين.
حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح حدثنا أبو نعيم حدثني سعيد بن عبيد الطائي عن بشير بن يسار زعم أن رجلاً من الأنصار يقال له: سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه أخبره أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (وداه بمائة من إبل الصدقة، يعني: دية الأنصاري الذي قتل بخيبر) ].
قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله: باب كم يعطى الرجل الواحد من الصدقة؟ والمقصود من هذا أن الشخص يعطى ما يحتاج إليه، وكل شيء بحسبه، فالغارم يعطى ما يقابل ما تحمله من الغرم، والمؤلف قلبه يعطى ما يحصل به المقصود، وابن السبيل يعطى ما يوصله إلى بلده، والفقير يعطى ما يكفيه لمدة سنة، أي: أن كلاً منهم يعطى بحسبه ولو كان الذي يعطاه كثيراً.
وأورد أبو داود حديث سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ودى الرجل الأنصاري الذي قتل بخيبر بمائة من إبل الصدقة.
ووجه إيراد أبي داود لهذا الحديث في هذا الباب، وفي كتاب الزكاة، أن من غرم مالاً لإصلاح ذات البين فإنه يعطى من الزكاة، وقصة الأنصاري الذي قتل بخيبر تأتي في أبواب كثيرة لاسيما القسامة، فإن حديث القسامة إنما جاء في هذه القصة، وهو ثابت في الصحيحين وفي غيرهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإيراده من أجل دخوله في الغرامة لإصلاح ذات البين.
الحسن بن محمد بن الصباح ثقة أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا أبو نعيم ] .
أبو نعيم الفضل بن دكين الكوفي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني سعيد بن عبيد الطائي ].
سعيد بن عبيد الطائي ثقة أخرج له أصحاب الكتب إلا ابن ماجة .
[ عن بشير بن يسار ].
بشير بن يسار ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ زعم أن رجلاً من الأنصار يقال له سهل بن أبي حثمة ].
سهل بن أبي حثمة صحابي صغير، وكلمة (زعم) تعني أخبر، فالزعم يأتي كثيراً بمعنى الإخبار المحقق، ولا يراد به الشك أو الظن، وإنما يراد به الخبر المحقق، وكثيراً ما يأتي في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وفي الأسانيد، فزعم هنا بمعنى أخبر خبراً محققاً، وسهل بن أبي حثمة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وإن كان من الغارمين فإنه يعطى مقدار غرامته، فإذا تحمّل مالاً لإصلاح ذات البين فإنه لا يخلى بينه وبين هذا الغرم الذي تحمله؛ لأنه تحمله للإصلاح، فيعطى ما يقابله.
وأما إذا كان غرم هذا الدين لنفسه فهذا فيه خلاف بين أهل العلم، فمنهم من يقول: إنه يعطى ما يكفيه أو بعض ذلك، وبعض أهل العلم يقولون: إن الغرم إنما هو لإصلاح ذات البين، وأما إذا كان فقيراً فإنه يعطى لفقره.
ويكثر السؤال عن إعطاء الزكاة لمن يريد الزواج ولم يتوفر عنده المهر كاملاً، أو يعطى لتأثيث البيت؟
فنقول: لا بأس بذلك؛ لأنه إذا كان فقيراً فإنه يعطى ويساعد من الزكاة لفقره، وإذا لم يكن فقيراً وإنما بسبب غلاء المهور فالأولى أن تصرف الزكوات للفقراء، فالذي يعطى ليسد جوعته وفاقته أولى من غيره ممن يأخذ لقضاء حاجة أخرى.
حدثنا حفص بن عمر النمري حدثنا شعبة عن عبد الملك بن عمير عن زيد بن عقبة الفزاري عن سمرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (المسائل كدوح يكدح بها الرجل وجهه، فمن شاء أبقى على وجهه ومن شاء ترك، إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان، أو في أمر لا يجد منه بداً) ].
أورد أبو داود باب ما تجوز فيه المسألة، يعني الأحوال والأمور التي يجوز للإنسان أن يسأل فيها، وأورد هنا حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسائل كدوح يكدح بها الرجل وجهه، فمن شاء أبقى على وجهه ومن شاء ترك يعني: أنه كلما كثرت المسائل كثرت الكدوح في الوجه، ويأتي يوم القيامة وهذه الكدوح في وجهه علامة على ذلك، وسبق أن مر بنا بعض الأحاديث المتعلقة بذلك.
قوله: (إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان) لأن سؤال السلطان ليس فيه سؤال لأموال الناس، فإن له حقاً في بيت المال، فإذا سأل في أمر لابد منه، أو كان مضطراً إلى السؤال فلا بأس، وذكر السلطان في الحديث يدل على الإباحة؛ لأن له حقاً، لكن إذا تعفف الإنسان ولم يسأل السلطان فهو أفضل.
وإذا كان الرجل محتاجاً فله أن يسأل السلطان وغيره، وجاء في حديث عمر : (ما أتاك من غير استشراف ولا مسألة فخذه)، فهذا يدل على أن الإنسان يتعفف حتى فيما عند السلطان.
حفص بن عمر ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا شعبة ].
شعبة بن الحجاج الواسطي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الملك بن عمير ].
عبد الملك بن عمير ثقة فصيح عالم تغير حفظه، وربما دلس، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زيد بن عقبة الفزاري ].
زيد بن عقبة الفزاري ثقة أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن سمرة ].
سمرة بن جندب رضي الله عنه، وهو صحابي أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث قبيصة بن مخارق رضي الله عنه: [ (أنه تحمل حمالة وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله فقال: أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها)] أي بالحمالة؛ لأنه سأل عن هذه الحمالة، والصدقة -كما هو معلوم- قد تكون أكثر من الحمالة وقد تكون قليلة، فالذي يبدو أن الذي يؤمر له به هو الحمالة التي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أجلها.
ثم قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فله أن يسأل حتى يصيبها ثم يمسك) أي: حتى يحصل ما تحمله ثم يمسك، أي: فلا يستمر في السؤال، ولا يبحث عن شيء زائد على ذلك.
(ورجل أصابت ماله جائحة) أي: إما احتراق، أو كان زرعاً أصابه برد فهلك، أو نزل عليه بَرَد وحتّه فتساقط، أو مرّ عليه سيل وأهلك المال الذي عنده، أو غير ذلك من الأسباب الظاهرة التي تكون معروفة ولا تخفى على الناس، فهذا يسأل حتى يحصِّل سداداً وقواماً من العيش، ولا يسأل حتى يحصل المال الذي ضاع منه ويرجع كما كان، وإنما يسأل عن الذي يكفيه.
فالأول يسأل حتى يحصِّل الحمالة التي تحملها، وهذا يسأل حتى يحصل ما تكون به الكفاية، ولا يستمر حتى يرجع إليه ماله الذي فقده.
قوله: (ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: قد أصابت فلاناً الفاقة، فحلت له المسألة، فسأل حتى يصيب قواماً من عيش، أو سداداً من عيش)، فهذا حصل له الفاقة بسبب خفي لا يعرف، والأول حصلت له جائحة، والجائحة تعرف؛ لأن الناس يشاهدونها ويعاينونها، وأما الفاقة فهي أمر خفي، فهذا لا يكفي أن يقول ويصدَّق فيما يقول، بل قال: (حتى يقول ثلاثة من أهل الحجا: إن فلاناً أصابته فاقة، فيسأل حتى يحصل سداداً من عيش، أو قواماً من عيش)، وأهل الحجا هم أصحاب العقول الذين عندهم فهم وخبرة ومعرفة، فيخرج بذلك الذين عندهم غفلة وليس عندهم خبرة ومعرفة، فإن مثل هؤلاء قد يقولون غير الحقيقة، لذا نصّ على أهل الحجا والعقل، فإذا شهدوا وأخبروا بأن فلاناً قد أصابته فاقة فله أن يسأل حتى يصيب سداداً من عيش أو قواماً من عيش.
قوله: (وما سوى ذلك يا قبيصة ! فسحْت يأكله الإنسان سحتاً)، والسحت: هو ذاهب البركة، أي: الذي لا بركة ولا خير فيه.
مسدد بن مسرهد البصري ثقة أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا حماد بن زيد ].
حماد بن زيد البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هارون بن رئاب ].
هارون بن رئاب ثقة أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .
[ حدثني كنانة بن نعيم العدوي ].
كنانة بن نعيم العدوي ثقة أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .
[ عن قبيصة بن مخارق الهلالي ].
قبيصة بن مخارق الهلالي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي .
أورد أبو داود رحمه الله حديث أنس رضي الله عنه.
قوله: (إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة: لذي فقر مدقع) أي: فقر شديد.
قوله: (أو لذي غرم مفظع) أي: تحمل حمالة كبيرة، فتحل له المسألة.
قوله: (أو لذي دم موجع) أي: أنه أصلح بين الناس وحقن الدماء، فإنه يحل لمن كان كذلك أن يسأل حتى يحصل مراده.
والحديث في إسناده أبو بكر الحنفي وهو مجهول لا يعرف، فهو إذاً غير صحيح.
وهذا الحديث يدل على جواز البيع بالمزايدة، وأنه لا يدخل في النهي عن البيع على البيع، لأن النهي عن البيع على البيع يكون إذا وجد الاستقرار وتمام البيع، ويكون في مدة خيار، وأما أن يقول: من يشتري هذا؟ فيقول رجل: أنا بكذا، ثم يزيد آخر فهذا لا بأس به، وقد جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم فيه الحث على العمل، وأن على الإنسان أن يسعى ويعمل، وأن ذلك خير له من أن يسأل الناس.
وفيه بيان من تحل له المسألة.
والحلس: هو كساء يفرش بعضه، ويتغطى ببعضه.
وقوله: (نلبسه ونجلس عليه)، يطلق اللبس على التغطية، أي: أنهم يتغطون به، ومن ذلك حديث أنس : (فعمدنا إلى حصير قد اسود من طول ما لبس) أي: من طول ما استعمل في الافتراش، وهنا قال: (نلبسه)، أي: نلتحف به.
والقعب: هو وعاء أو قدح.
عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ أخبرنا عيسى بن يونس ].
عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأخضر بن عجلان ].
الأخضر بن عجلان صدوق أخرج له أصحاب السنن.
[ عن أبي بكر الحنفي ].
أبو بكر الحنفي لا يعرف حاله، أخرج له أصحاب السنن.
وقد ذكروا اثنين ممن هو أبو بكر الحنفي، الأول عبد الله البصري ، وهو متقدم في طبقة التابعين، والثاني متأخر اسمه عبد الكبير ، والأول ضعيف، والثاني المتأخر ثقة.
[ عن أنس بن مالك ].
أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا هشام بن عمار حدثنا الوليد حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة يعني ابن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن أبي مسلم الخولاني قال: حدثني الحبيب الأمين، أما هو إلي فحبيب، وأما هو عندي فأمين، عوف بن مالك رضي الله عنه قال: (كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبعة أو ثمانية أو تسعة، فقال: ألا تبايعون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكنا حديث عهد ببيعة، قلنا قد بايعناك، حتى قالها ثلاثاً فبسطنا أيدينا فبايعناه، فقال قائل: يا رسول الله! إنا قد بايعناك فعلام نبايعك؟ قال: أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وتصلوا الصلوات الخمس، وتسمعوا وتطيعوا، وأسر كلمة خفية قال: ولا تسألوا الناس شيئاً، قال: فلقد كان بعض أولئك النفر يسقط سوطه فما يسأل أحداً أن يناوله إياه) ].
ثم أورد أبو داود .. حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه أنه قال: (كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة أو ثمانية أو تسعة، فقال: ألا تبايعون؟ قلنا: قد بايعناك! فكررها، فبسطوا أيديهم لمبايعته فبايعوه، فقال رجل: على أي شيء نبايعك وقد بايعناك؟ قال: على أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وتصلوا الصلوات الخمس، وتسمعوا وتطيعوا) أي: لولاة الأمور، وهذا في المعروف.
قوله: (وأسر كلمة خفية قال: ولا تسألوا الناس شيئاً)، وهذا هو محل الشاهد من إيراد الحديث، وهو لفظ عام، قال: فكان بعض هؤلاء النفر الثمانية أو السبعة أو التسعة إذا سقط منه سوطه وهو على الفرس فإنه ينزل ويأخذه، ولا يقول لأحد: ناولني إياه؛ أخذاً بقوله: (ولا تسألوا الناس شيئاً)، وهذا فيه دليل على عنايتهم وقيامهم بتنفيذ ما بويعوا عليه على التمام والكمال حتى في هذه الأمور اليسيرة، ويدل أيضاً على أن الإنسان يحرص ألّا يسأل، بل يحرص على أن يكون معطياً، لا أن يكون سائلاً، وقد جاء في الحديث: (ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس).
هشام بن عمار الدمشقي صدوق أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا الوليد ].
الوليد بن مسلم الدمشقي وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا سعيد بن عبد العزيز ].
سعيد بن عبد العزيز وهو دمشقي أيضاً، ثقة أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شامي أيضاً.
[ عن أبي إدريس الخولاني ].
أبو إدريس الخولاني اسمه: عائذ الله وهو من كبار التابعين، فقد ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع من كبار الصحابة، وهو من ثقات التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي مسلم الخولاني ].
وهو ثقة أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن عوف بن مالك ].
وهو الأشجعي رضي الله عنه، وقد نزل الشام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وعلى هذا فالإسناد مسلسل بالشاميين من أوله إلى آخره.
قول أبو مسلم الخولاني : (حدثني الحبيب الأمين).
هذا ثناء على من حدثه وهو عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه، قال: أما الحبيب فهو حبيب إلى نفسي وإلى قلبي، وأما الأمين فهو عندي أمين، أي: أنه فسر كونه يحبه ويصفه بالأمانة، وهذا مدح وثناء على هذا الصحابي الذي لقيه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والبيعة تكون للإمام، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم هو الإمام، وهو الذي يبايع الناس، وعلى الإنسان أن يلتزم بما بايع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول الله عليه، وذلك بأن يأخذوا بالأوامر، وينتهوا عن النواهي التي حصلت المبايعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها، وأما غيره صلى الله عليه وسلم فإنه لا يبايع كما بويع رسول الله، فلا يبايع على ألا يشرك بالله شيئاً، وألا يفعل كذا وكذا، فهذا كان يحصل مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وأما الولاة فيبايعون على السمع والطاعة والنصح للمسلمين.
وأما البيعات المستحدثة فهي كاسمها مستحدثة، وذلك أن يبايع شخص وهو ليس بخليفة فهذا مما أحدث، والناس إذا احتاجوا إلى أن يكون لهم شخص يرجعون إليه فلا بأس، ولكن لا يُبايع، وذلك مثل أمير السفر، فقد جاء في السنة أنه إذا سافر الثلاثة فإنهم يؤمرون عليهم واحداً منهم، ولا يحتاجون في ذلك إلى بيعه، فالبيعة إنما تكون للسلطان.
وهذه الشروط التي بايعهم عليها الرسول صلى الله عليه وسلم كألّا يسألوا الناس شيئاً عامة، وليست خاصة بالذين بايعهم الرسول صلى الله عليه وسلم عليه، وهي أمور مطلوبة، وعلى الإنسان أن يأخذ بها.
[ قال أبو داود : حديث هشام لم يروه إلا سعيد ].
أي أن حديث هشام بن عمار لم يروه إلا سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد ، أي: أنه مما تفرد به.
أورد أبو داود حديث ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من تكفل لي ألا يسأل الناس شيئاً وأنا أتكفل له بالجنة؟ وهذا يدل على أن الذي تقدم في الحديث السابق عاماً وليس بخاص؛ لأن الشيء الذي بايع عليه الناس هو نفسه الذي قال فيه: من تكفل لي ألا يفعل كذا فله الجنة، فهو إذاً حكم عام وليس خاصاً بأولئك الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه التحذير من المسألة والحرص على ألا يكون الإنسان سائلاً، اللهم إلا إذا كان في أمر لابد منه، كما جاءت في ذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مر بعضها وبيان من تحل له المسألة.
وبعض الناس قد يبيع ضروريات المنزل حتى لا يسأل الناس؛ استعفافاً من ذلك فأقول: الأشياء التي لابد منها لا يبيعها، كالفرن أو الثلاجة، فهو بحاجة إلى فرن وإلى ثلاجة، ولو باعها فإنه يحتاج إلى فرن وثلاجة مكانها، وكذلك غيرها من الأشياء الضرورية، فليس له أنه يبيعها، لكن لو باع الكماليات والأشياء التي يستغنى عنها فلا بأس.
عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري ثقة أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا أبي ].
أبوه هو: معاذ بن معاذ ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا شعبة ].
شعبة بن الحجاج الواسطي ، مر ذكره.
[ عن عاصم ].
عاصم بن سليمان الأحول ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي العالية ].
أبو العالية هو رفيع بن مهران ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ثوبان ].
ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري في (الأدب المفرد) ومسلم وأصحاب السنن.
الجواب: أقول: التمثيل من حيث هو لا يجوز، وإذا كان للصحابة فهو أسوأ وأسوأ.
وإن القلب ليحزن، والعين لتدمع عندما يُسمع ويشاهد الذين يقومون بتمثيل أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم تمثيلاً يختلف عما هم عليه باطناً وظاهراً، فيظهرون بأشكال منكرة كحلق اللحية، والجلوس مع النساء وغير ذلك، وهذا زيادة شر، فإذا انضاف إليه شرور أخرى فهو شر إلى شر.
والتمثيل في حد ذاته حرام لا يجوز، وهو للصحابة من باب أولى، فإذا كان في أمور لا تليق بهم وكانت منكرة فيصير شراً إلى شر، وسوءاً إلى سوء، ويصير كما قيل في المثل: حشفاً وسوء كيلة.
الجواب: تبين بالتتبع والتجربة أن الذي سكت عنه أبو داود فيه أحاديث ضعيفة، فكل شيء يحكم عليه بحسبه، فمنه ما يصح ومنه ما لا يصح.
الجواب: هذه دعوة إلى الباطل وإلى المآتم، فيريدون أن يحدثوا المآتم كما أُحدثت في أماكن كثيرة من البلاد الأخرى، فهي دعوة إلى الباطل، فالميت إذا مات يعزى أهله سواء في المقبرة، أو في المسجد، أو في الطريق، أو بالتلفون، أو بالحضور وزيارتهم في بيوتهم، لكن لا يكون ذلك بطريقة فيها تنبيه للناس، بأن يكون هناك إقامة سرادقات، أو إقامة أماكن تخصَّص لهذا، فهذا لا شك أنه من محدثات الأمور، ولم يكن في عهد سلف هذه الأمة، فالواجب الحذر من ذلك والابتعاد منه.
الجواب: الشيء المبذول والموقوف للتوزيع لا يكون أخذه من المسألة، فالناس هنا هم الذين يوزعون على بعضهم، فإذا جاء وأخذ من هذا الشيء المبذول فليس هذا من السؤال، وسواء جاء هو وأخذ، أو جيء إليه، فمثل هذا لا بأس به، ومثل هذا مسألة السُّفر في أيام رمضان، لكن للإنسان أن يستغني عن ذلك ويتركه للمحتاجين، وإذا كان يحتاج إليها فليشاركهم.
الجواب: ليس له ذلك، ولكنه يعطيه -لفقره- من الزكاة حتى يأكل، وينظره في الدين الذي عليه إلى ميسرة، وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ [البقرة:280]، وليس للإنسان أن يجعل الزكاة وقاية للمال، أي: ليس له أن يتخلص من الحقوق التي عليه للناس بالزكاة، أو أن يستوفي حقوقه عند الناس بواسطة الزكاة، فلا يصل إلى الفقراء شيء.
الجواب: أعلم أنها مؤسسة خيرية، وأنها تقوم بأعمال عظيمة وكبيرة فيما نسمع، ولا أعلم شيئاً عليها، وليس عندي تفاصيل.
الجواب: يجب عليه أن يُخرج حتى يطمئن إلى أن ذمته قد برئت، وعليه أن يتحقق أن ذمته قد برئت.
الجواب: الإنسان المحتاج يسأل؛ لأن الجمعيات الخيرية عندها أموال تجمعها، سواء كانت زكاة أو غير زكاة، فالإنسان الذي يحتاج يسأل، والذي لا يحتاج يترك المسألة.
الجواب: إذا أعطي مالاً قليلاً فاشترى شيئاً يبيع فيه حتى تحصل له فائدة ويستغني عن الناس فهذا شيء طيب لا بأس به، وإذا أعطي شيئاً فقد ملكه، فله أن يأكله أو أن ينميه ويأكل من نمائه.
الجواب: لا تقوم الجامعة مقام السلطان، لكن إذا كان الإنسان بحاجة إلى أن يسأل الجامعة أو غير الجامعة، وكانت المسألة تحل له فلا بأس.
الجواب: من أين له أن عبد الملك جعل عليها صورته، ولو جعل عليها صورته فليس في ذلك دليل، وكذلك قوله: إنها كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر عليها تصاوير كسرى وقيصر يحتاج إلى إثبات، ثم لو كانت عليها صور فيجوز إبقاؤها واستعمالها، وهم لم يفعلوا ذلك، وهذا مثل الكساء أو الثوب الذي فيه صور، فإنه لا يجوز للإنسان أن يعمل صوراً في الكساء، ولكنه إذا وصل إليه كذلك فإنه يستعمله في الأمور الممتهنة وغيره.
وعلى كل فما نعرف شيئاً يدل على أن تلك النقود كان فيها صور، ولا نعلم شيئاً يدل على أن عبد الملك لما شكل تلك النقود جعل فيها صورته، لا نعرف شيئاً يثبت هذا كله، ولو ثبت شيء من ذلك فلا يدل على حل التصوير؛ لأن تحريم التصوير قد جاءت فيه أحاديث كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كافية شافية، فعليها يعوّل ولا يعول على سواها، ولو ثبت أنه وجد في تلك النقود تصاوير ففرق بين إنشاء التصاوير، وبين أن تكون هناك صور في شيء ثم يستعمل ويستمر استعماله وهو على حالته، كالفرش أو الكساء، فإنها ممتهنة فلا تحرق ولا تتلف، وإنما يستفاد منها بما يناسب.
الجواب: يمكن أن يجمع الإنسان بين العلم وبين العمل لتحصيل العيش، فالعلم لا يستغرق الوقت كله، فيستطيع الإنسان أن يوفق بين طلب العلم وبين العمل.
الجواب: على الإنسان أن يسأل الله بنفسه، وأن يقوي صلته بالله عز وجل، فهذا هو الذي ينبغي، وبعض أهل العلم يمنع ذلك، وبعضهم يجيزه محتجاً بما جاء في قصة أويس القرني رحمة الله عليه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من وجده فليطلب منه أن يستغفر له)، وقال بعضهم: إن السؤال بالنسبة لـأويس إنما هو لإرشاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك، فالذي ينبغي للإنسان أن يقوي الصلة بالله عز وجل بنفسه، ولا تكون مهمته أن يقول: ادع لي ادع لي لكل من يلقاه، بل يدعو الله عز وجل هو بنفسه.
الجواب: يجوز لك أن تأخذ من الزكاة.
الجواب: هذا جائز وليس بسؤال للناس، فإذا كان الإنسان واسطة خير، وطلب المساهمة في عمل خيري فهذا ليس بسؤال؛ لأنه لا يسأل لنفسه، بل يكون هذا من التعاون على البر والتقوى، فالناس بحاجة للمساجد، فإذا انتدب أحد وسأل الناس من أجل أن يساهموا في بناء المساجد فقد أحسن إلى نفسه وإلى غيره، فأحسن إلى الذين طلب منهم وساهموا، وأحسن إلى نفسه أن سعى في الخير، وأحسن إلى الناس الذين هم بحاجة إلى ذلك المسجد؛ لتحصل الصلاة في ذلك المسجد، فالمسألة الممنوعة أن يسأل الإنسان لنفسه، وأما السؤال لوجوه الخير، بحيث يكون الإنسان صادقاً في طلبه، ولا يكون هناك مجالات للف والدوران وأكل أموال الناس بالباطل فهذا لا بأس به.
الجواب: لا بأس بذلك، فالشفاعة في الخير خير، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اشفعوا تؤجروا).
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر