إسلام ويب

شرح سنن أبي داود [239]للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • جعل الله تبارك وتعالى الزواج مودة ورحمة بين الزوجين، ولذا كان المقصود من النكاح الدوام والبقاء، ولتحقيق هذا الغرض حرم الشرع أنواعاً من الأنكحة تفضي إلى النزاع وتنتهي بالفراق غالباً، فلا تحقق المقصد الشرعي من الزواج، ومن ذلك: نكاح المتعة، ونكاح الشغار، ونكاح التحليل، وقد حث الشرع الخاطب على النظر إلى المخطوبة؛ لأن ذلك أحرى أن يؤدم بينهما.

    شرح حديث سبرة في تحريم متعة النساء

    قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب في نكاح المتعة.

    حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا عبد الوارث عن إسماعيل بن أمية عن الزهري قال: كنا عند عمر بن عبد العزيز فتذاكرنا متعة النساء، فقال له رجل يقال له: ربيع بن سبرة : أشهد على أبي أنه حدث أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عنها في حجة الوداع ].

    يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب في نكاح المتعة] أي: في تحريمه، ونكاح المتعة هو النكاح إلى أجل، فإذا جاء الأجل انتهى العقد، وقد كان ذلك سائغاً ثم نسخ وصار محرماً لا يجوز فعله.

    والنكاح المشروع هو النكاح غير المؤقت الذي يدخل فيه على التأبيد دون أن يكون له أجل ينتهي إليه، وإنما يبقى إلى أن يحصل طلاق أو تحصل وفاة، وأما أن يكون له أجل ينتهي إليه فهذا هو نكاح المتعة الذي كان حلالاً ثم حرم.

    وأورد أبو داود حديث الزهري أنهم كانوا عند عمر بن عبد العزيز فتذاكروا نكاح المتعة، قال: [فقال له رجل يقال له: ربيع بن سبرة : أشهد على أبي أنه حدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها في حجة الوداع]، والمعروف والمشهور أن تحريم المتعة إنما كان عام الفتح، والشيخ الألباني رحمه الله قال: إن هذا شاذ، والمحفوظ أن ذلك عام الفتح؛ لأن هذا جاء من رواية إسماعيل بن أمية عن الزهري ، وقد خالفه غيره عن الزهري ، فذكرو أن ذلك كان عام الفتح وليس في عام حجة الوداع.

    وهذا الحديث دليل على تحريمها وأنها كانت مباحة أولاً ثم حرمت، أي: المتعة.

    حكم النكاح بنية الطلاق

    وهناك نكاح آخر هو النكاح بنية الطلاق، وهو ليس من قبيل نكاح المتعة؛ لأن نكاح المتعة يتفق فيه بين الطرفين على أن ينتهي الزواج بالأجل، وأما النكاح بنية الطلاق فهو أن الزوج قد يتزوج وهو ينوي أن يطلق، فهذا ليس من قبيل المتعة، ولكنه لا يليق ولا ينبغي، وكثيرٌ من العلماء أجازوه؛ لأنه ليس نكاح متعة، ولكن الأولى عدم فعله وعدم الإقدام عليه، فالإنسان يتزوج بنية الدوام وإذا بدا له أن يتخلص منها لأمر من الأمور فيمكنه ذلك بالطلاق.

    فالإنسان -كما هو معلوم- لا يرضى النكاح بنية الطلاق لبنته ولا لأخته، فعليه أن يعامل الناس كما يحب أن يعاملوه به؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه)، فالإنسان إذا أراد أن يتزوج فليتزوج، لكن لا يضمر في نفسه عند الزواج أنه سيطلق، وإنما يكون في نفسه أنه يتزوج، ثم إن رأى أن الأمر يحتاج إلى الاستمرار لما وجده فيها من أمور تقتضي ذلك استمر وإلا طلق، وأما كونه عند العقد يضمر بأنه سيطلق، فهذا ليس من نكاح المتعة، ولكنه لا يليق بالرجل، وهو خلاف الأولى.

    تراجم رجال إسناد حديث سبرة في تحريم متعة النساء

    قوله: [حدثنا مسدد بن مسرهد ].

    هو مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

    [حدثنا عبد الوارث ].

    هو عبد الوارث بن سعيد العنبري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن إسماعيل بن أمية ].

    إسماعيل بن أمية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن الزهري ].

    هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ فقال له رجل يقال له: ربيع بن سبرة ].

    ربيع بن سبرة ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

    [ أشهد على أبي أنه حدث ].

    أبوه هو سبرة بن معبد ، وهو صحابي، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

    شرح حديث سبرة في تحريم متعة النساء من طريق ثانية وتراجم رجاله

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن ربيع بن سبرة عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حرم متعة النساء ].

    أورد هنا حديث سبرة بن معبد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم متعة النساء، وهذا اللفظ مطلق وليس فيه تقييد بالزمن الذي حصل فيه التحريم.

    قوله: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ].

    هو محمد بن يحيى بن فارس الذهلي ، ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.

    [حدثنا عبد الرزاق ].

    هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [أخبرنا معمر ].

    هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن الزهري عن ربيع بن سبرة عن أبيه ].

    قد مر ذكر الثلاثة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088550233

    عدد مرات الحفظ

    777274126