إسلام ويب

شرح سنن أبي داود [034]للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • اجتناب النجاسات شرط من شروط الصلاة، ومن ذلك اجتناب الأذى، وما كان من الأذى خارجاً من الجسم كالمذي فله أحكام تتعلق به، وقد بينت ذلك الأحاديث النبوية.

    شرح حديث: (كنا لا نتوضأ من موطئ ولا نكف شعراً ولا ثوباً)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يطأ الأذى برجله.

    حدثنا هناد بن السري وإبراهيم بن أبي معاوية عن أبي معاوية ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثني شريك وجرير وابن إدريس عن الأعمش عن شقيق قال: قال عبد الله رضي الله عنه: (كنا لا نتوضأ من موطئ ولا نكف شعراً ولا ثوباً).

    قال أبو داود : قال إبراهيم بن أبي معاوية فيه: عن الأعمش عن شقيق عن مسروق أو حدثه عنه قال: قال عبد الله . وقال هناد : عن شقيق أو حدثه عنه، قال: قال عبد الله ].

    أورد أبو داود رحمه الله باباً في الرجل يطأ الأذى برجله، يعني: ماذا يصنع؟ هل يعيد الوضوء أم ماذا يفعل؟

    أما إعادة الوضوء فلا إعادة، لكن الكلام هو على هذا الذي وطئه، هل هو نجاسة أو غير نجاسة، فإن كان ليس بنجاسة فلا يؤثر؛ لأن الإنسان إذا صلى وعلى قدمه شيء من الأذى الذي هو طاهر وليس بنجس، فلا يؤثر ذلك، وأما إن كان يعلم أنه نجاسة فعليه أن يزيل النجاسة، وهو باقٍ على طهارته، وباقٍ على وضوئه، أي: إذا وطئت رجله شيئاً فيه نجاسة فلا ينتقض وضوءه بوطء النجاسة، وإنما عليه أن يزيل تلك النجاسة وبأن يغسلها، هذا إذا عرف أنه شيء نجس، وأنه رطب، وأنه يعلق بالقدم.

    أما لو وطئ على أرض متنجسة ورجله يابسة، فأيضاً لا يحتاج إلى غسل ما دام أن رجله ليس فيها رطوبة أو الأرض التي فيها النجاسة ليست رطبة تعلق بالرجل، فإنه لا يلزم الغسل؛ لأنه لم يعلق برجله شيء.

    أما إذا كانت الرجل رطبة ووطئت على أرض متنجسة، أو كانت الرجل يابسة ووطئت على نجاسة رطبة فعلقت بالرجل فعليه أن يزيل تلك النجاسة وأن يغسلها، والوضوء يبقى على حاله؛ لأن إزالة النجاسة شيء، والوضوء شيء آخر، وكون الإنسان يطأ النجاسة فلا ينتقض بهذا وضوءه، وإنما عليه أن يزيل النجاسة التي حصلت له بغسلها، والوضوء على حاله، وباقٍ على أصله.

    فالذي يطأه الناس أو يطأه الإنسان فيه تفصيل: إن كان ليس بنجس لا يؤثر، ولكن كونه يغسل حتى يزول أثر هذا الشيء عن رجله فهذا شيء طيب وهذا شيء مما ينبغي، لكنه ليس بلازم، وإن كانت الرجل رطبة أو الأرض رطبة وفيها نجاسة وحصل علوقها بالرجل بسبب الرطوبة فإنه يلزم غسل النجاسة.

    وإن كان يجهل أنه نجس أو غير نجس، فالأصل هو الطهارة، مثل المياه التي تكون في الأسواق وفي الشوارع، فالإنسان إذا لم يتحقق نجاستها فالأصل فيها الطهارة، ولا يحتاج إلى أن يغسل رجليه بسبب ذلك الذي وطئه في الشوارع وفي الطرقات إذا لم يكن متحققاً بأنه نجس.

    وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قال: (كنا لا نتوضأ من موطئ) يعني: بسبب وطء الشيء، ولعل المقصود هنا بالوضوء: الوضوء اللغوي، الذي هو غسل الرجل، وليس الوضوء الشرعي، الذي هو غسل الوجه واليدين, وعلى هذا يكون قوله هنا: (لا نتوضأ من موطئ) يعني: لا نغسل الرجلين بسبب وطئهما للأذى.

    لكن كما قلت: إذا كانت النجاسة معروفة ومحققة، والإنسان وطئها وهي رطبة وعلقت برجله، أو كانت النجاسة يابسة ورجله رطبة ووقعت على النجاسة، فالنجاسة تغسل، ما دام أنه تحقق أن النجاسة وصلت إلى رجله؛ لأنه يلزم عند الصلاة طهارة البدن والثوب والبقعة، وذلك بأن يكون بدنه ليس فيه نجاسة، وثيابه ليس فيها نجاسة، والبقعة التي يصلي فيها ليس فيها نجاسة، إلا إذا كانت متنجسة وفرش عليها فراش، والإنسان يصلي على الفراش فهذا لا يؤثر.

    وقوله: (ولا نكف شعراً ولا ثوباً) يعني: في الصلاة، فلا نرفعها، وإنما نرسلها حتى يصيبها ما يصيب غيرها من مواضع السجود، فالإنسان لا يكف شعراً، فإذا كان شعره متدلياً فلا يكفه من أجل أن يسجد، بل يجعله يسجد معه، وكذلك الثوب لا يرفعه عن الأرض حتى يسجد، بل عليه أن يترك ثيابه ويصلي على هيئته ولا يكف شعراً ولا ثوباً.

    تراجم رجال إسناد حديث: (كنا لا نتوضأ من موطئ ولا نكف شعراً ولا ثوباً)

    قوله: [ حدثنا هناد بن السري ].

    هو هناد بن السري أبو السري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.

    [ وإبراهيم بن أبي معاوية ].

    أبو معاوية هو محمد بن خازم الضرير الكوفي ، وإبراهيم بن أبي معاوية صدوق أخرج حديثه أبو داود وحده.

    [ عن أبي معاوية ].

    هو أبو معاوية محمد بن خازم الضرير الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة ].

    (ح) هي للتحول من إسناد إلى إسناد، وعثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

    [ حدثني شريك ].

    هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي، وهو صدوق يخطئ كثيراً، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

    [ وجرير ].

    هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي، ثم الرازي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ وابن إدريس ].

    هو عبد الله بن إدريس الأودي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن الأعمش ].

    هنا يلتقي الإسنادان -الإسناد الأول والإسناد الثاني- عند الأعمش ، والأعمش هو سليمان بن مهران الكاهلي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن شقيق ].

    هو شقيق بن سلمة الكوفي أبو وائل، مشهور بكنيته، ويأتي ذكره بالكنية كثيراً، ويأتي ذكره بالاسم كما هنا شقيق بن سلمة ، وهو ثقة مخضرم، أدرك الجاهلية والإسلام ولم يلق النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [ قال عبد الله ].

    هو عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أحد فقهاء الصحابة، وكانت وفاته سنة (32هـ) في خلافة عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

    وقد ذكر بعض أهل العلم أنه أحد العبادلة الأربعة؛ لكن الصحيح أنه ليس منهم؛ لأن المشهور أن العبادلة هم من صغار الصحابة، وهم متقاربون في السن، وقد عاشوا إلى ما بعد سنة 60هـ، وأدركهم من لم يدرك ابن مسعود ؛ وهم عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين.

    وعبد الله بن مسعود حديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [ قال أبو داود : قال إبراهيم بن أبي معاوية فيه: عن الأعمش عن شقيق عن مسروق أو حدثه عنه قال: عبد الله ].

    يعني أن أبا دواد له فيه ثلاثة شيوخ: هناد بن السري وإبراهيم بن أبي معاوية وعثمان بن أبي شيبة ، واللفظ الذي ساقه هو بلفظ عثمان بن أبي شيبة ، ليس فيه شك، ولما ذكر الإسناد والمتن أشار بعد ذلك إلى ما عند شيخه الأول وشيخه الثاني إبراهيم بن أبي معاوية وهناد بن السري ، فإن آخر الإسناد عندهما يختلف عما عند عثمان بن أبي شيبة ؛ لأن اللفظ الذي سيق هو لفظ عثمان بن أبي شيبة .

    [عن الأعمش عن شقيق قال: قال عبد الله ].

    يعني أن الرواية من طريق عثمان بن أبي شيبة فيها الأعمش عن شقيق قال: قال عبد الله ، هذه هي الصيغة التي جاءت من طريق عثمان بن أبي شيبة .

    [عن شقيق عن مسروق أو حدثه عنه].

    يعني: أن شقيقاً يروي عن مسروق بالعنعنة أو بالتحديث، ففيه شك هل قال شقيق : عن مسروق أو أن شقيقاً حدثه عن عبد الله بن مسعود .

    [وقال هناد عن شقيق أو حدثه عنه أنه قال: قال عبد الله ].

    إسناد هناد بن السري هو نفس الإسناد الأول، ولا توجد زيادة، ولكن فيه الشك هل قال الأعمش عن شقيق أو قال: حدثه عنه، يعني: هل أتى بـ(عن) أو أتى بصيغة التحديث.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088535430

    عدد مرات الحفظ

    777186656