إسلام ويب

شرح سنن أبي داود [371]للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن من حسن توفيق الله للميت ثناء الناس عليه خيراً إذا مرت جنازته، ومن علامات سوء توفيقه إذا أثنوا عليه شراً عند مرور جنازته، ولقد كرم الله تعالى المسلم في حياته وبعد مماته، فمن تكريمه بعد مماته أن نهى عن المشي على قبور المسلمين، ونهى عن الجلوس عليها، ونهى عن امتهانها، وفي المقابل منع الشرع من تعظيم هؤلاء الأموات تعظيماً زائداً عن الحد المشروع، فنهى عن رفع قبورهم وتشييدها، ونهى عن تجصيصها، والتوسل بها ودعائها والاستغاثة بها، والذبح عندها، فالأمر وسط، فلا إفراط ولا تفريط، ولا غلو ولا جفاء.

    شرح حديث: (لا عقر في الإسلام)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب كراهية الذبح عند القبر.

    حدثنا يحيى بن موسى البلخي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن ثابت عن أنس رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا عقر في الإسلام) ].

    قوله: [ باب كراهية الذبح عند القبر ] الكراهية هنا بمعنى التحريم، فلا يجوز أن يُذبح عند القبور، وأما إذا كان الذبح عند القبور لأصحاب القبور فهذا شرك بالله عز وجل؛ لأن الذبح عبادة، فإذا تقرب به إلى غير الله فإن ذلك شرك، وأما إذا لم يكن الذبح لأصحاب القبور وإنما أريد به الذبح لله عز وجل فلا يجوز، وهو محرم، لكن لا يقال: إنه شرك، إلا أنه ذريعة ووسيلة إلى الشرك؛ لأن من ذبح في ذلك المكان -وإن كان يريد أنه لله- فإن الأمر يئول به إلى أن يكون لغير الله، وذلك بأن يذبح للميت.

    فالحاصل: أنه لا يجوز الذبح عند القبور مطلقاً، فإن أريد بذلك التقرب إلى الميت فهو شرك بالله عز وجل، وأما إذا لم يكن كذلك فهو من البدع المحرمة التي لا تسوغ ولا تجوز.

    وقد أورد أبو داود حديث أنس رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال: (لا عقر في الإسلام)، فقد كانوا في الجاهلية يذبحون عند قبر الشخص إذا كان كريماً، ويقولون: كما أحسن إلى الناس في حياته فإنه يكون كذلك بعد وفاته، فيذبحون عنه؛ حتى يكون مطعماً حياً وميتاً.

    فمعنى هذا الحديث: (لا عقر في الإسلام) أن هذا الذي كان يُعمل في الجاهلية لا يسوغ ولا يجوز.

    [ قال عبد الرزاق : كانوا يعقرون عند القبر بقرة أو شاة ].

    وهذا مثاله.

    تراجم رجال إسناد حديث: (لا عقر في الإسلام)

    قوله: [ حدثنا يحيى بن موسى البلخي ].

    يحيى بن موسى البلخي ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

    [ حدثنا عبد الرزاق ].

    هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ أخبرنا معمر ].

    هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن ثابت ].

    هو ثابت بن أسلم البناني ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن أنس بن مالك ].

    أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088532445

    عدد مرات الحفظ

    777169391