إسلام ويب

شرح سنن أبي داود [405]للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد جاءت الأحاديث المحذرة من تولي القضاء في حق من طلبه وحرص عليه، أما من لم يطلبه وكان عنده القدرة على القضاء ولم يكن هناك غيره فيتعين عليه قبوله حتى لا تضيع الحقوق، وحتى لا تعم الفوضى؛ لأنه لابد للناس ممن يفصل بينهم في الخصومات، أما غير ذلك ممن يحكم ويقضي بغير علم أو يقضي بغير الحق مع العلم فقد جاء أنهما من أصحاب النار.

    شرح حديث ( من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين )

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أول كتاب الأقضية.

    باب في طلب القضاء.

    حدثنا نصر بن علي أخبرنا فضيل بن سليمان حدثنا عمرو بن أبي عمرو عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين) ].

    قوله: [ أول كتاب الأقضية ] والأقضية جمع قضاء، والمراد به الإخبار بالحق على وجه الإلزام به. أي: أن فيه إخباراً وإلزاماً، وذكر الإلزام فيه تمييز بينه وبين الفتوى؛ لأن الفتوى إخبار بالحق من غير إلزام به، والقضاء إخبار بالحق مع الإلزام به.

    إذاً: كل من الفتوى والقضاء فيه بيان للحق وإخبار بالحق، ثم يتميز القضاء عن الفتوى بأن مع بيان الحق إلزاماً به، والفتوى ليس مع بيان الحق إلزام به.

    قوله: [ باب في طلب القضاء ] يعني: كون الإنسان يسعى ليحصل القضاء ويطلب القضاء فهذا غير محمود؛ لأن الإنسان قد لا يعان عليه إذا حرص عليه ورغب فيه، ولكن إذا كلف به وطلب منه فهو مظنة لأن يعان عليه وأن يوفق ويسدد، وهذا مثل الولايات كما جاء في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، في الذين جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهم ثلاثة من الأشعريين وبينهم أبو موسى الأشعري ، وكان لا يعرف مهمة هؤلاء وما أرادوه من الكلام عند النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إنهم طلبوا أن يولوا العمالة على الصدقة، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنا لا نولي هذا الأمر أحداً طلبه).

    أورد أبو داود حديث أبي هريرة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين) وهذا فيه بيان خطورة القضاء وشدته، وأنه ليس بالأمر الهين، وأن الإنسان قد يفتتن فيه، وقد يحصل له فيه ما لا تحمد عاقبته، لاسيما إذا كان برغبة منه وبطلب منه، ففي ذلك تحذير من ولاية القضاء، ومعلوم أن هذا حيث لا يتعين على الإنسان، وأما إذا تعين عليه فإنه لابد للناس من قضاة يقضون بينهم ويحكمون بينهم، ولو تركوا بدون قضاة لحصل من الشر ما لا يعلمه إلا الله عز وجل، أما من يكلف بالقضاء فإن ذلك حَري أن يعان، ولكن إذا وجد غيره ممن يقوم مقامه وحصل على السلامة منه فلا شك أن ذلك خير كثير؛ لأنه جاء فيه هذا الذي يدل على شدته وعلى خطورته، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين) والمقصود منه: أن فيه خطراً على دين الإنسان، والذبح المقصود به الهلاك، فهو ليس كالذبح بالسكين الذي به تلف الجسم وذهابه، ولكن فيه خطورة على دين الإنسان؛ لأنه قد يحصل منه الجور ويحصل منه الحيف ويحصل منه الميل عن الحق، ويترتب على ذلك ضرر كبير للإنسان، وهذا هو المقصود من قوله: (قد ذبح بغير سكين) .

    تراجم رجال إسناد حديث ( من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين )

    قوله: [ حدثنا نصر بن علي ].

    هو نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ أخبرنا فضيل بن سليمان ].

    فضيل بن سليمان صدوق له خطأ كثير، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ حدثنا عمرو بن أبي عمرو ].

    عمرو بن أبي عمرو ثقة ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن سعيد المقبري ].

    هو سعيد بن أبي سعيد المقبري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن أبي هريرة ].

    هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً.

    شرح حديث ( من جُعل قاضياً بين الناس فقد ذبح بغير سكين ) وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا نصر بن علي أخبرنا بشر بن عمر عن عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد الأخنسي عن المقبري والأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من جُعل قاضياً بين الناس فقد ذبح بغير سكين) ].

    أورد أبو داود حديث أبي هريرة من طريق أخرى: (من جعل قاضياً بين الناس فقد ذبح بغير سكين) وهو مثل الذي قبله.

    قوله: [ حدثنا نصر بن علي أخبرنا بشر بن عمر ].

    نصر بن علي مر ذكره، وبشر بن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن عبد الله بن جعفر ].

    عبد الله بن جعفر ليس به بأس، وهي بمعنى صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

    [ عن عثمان بن محمد الأخنسي ].

    عثمان بن محمد الأخنسي صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب السنن.

    [ عن المقبري والأعرج ].

    المقبري مر ذكره، والأعرج هو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن أبي هريرة ].

    قد مر ذكره.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088531061

    عدد مرات الحفظ

    777161918