إسلام ويب

شرح سنن أبي داود [508]للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من قتل قتيلاً قتل بما قتله به، والمؤمنون تتكافأ دماؤهم، ولا يقتل مسلم بكافر، ومن وجد مع أهله رجلاً فليس له قتله، وإذا عفا أولياء الدم عن القتل انتقلوا إلى الدية ، وحكم النساء في العفو كالرجال، ومن قتل في عميا بين قوم لا يدرى من قتله فهو قتل خطأ، وديته على العاقلة.

    شرح حديث أن جارية وجدت قد رض رأسها بين حجرين

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب يقاد من القاتل.

    حدثنا محمد بن كثير أخبرنا همام عن قتادة عن أنس رضي الله عنه: (أن جارية وجدت قد رض رأسها بين حجرين، فقيل لها: من فعل بك هذا؟ أفلان؟ أفلان؟ حتى سمي اليهودي، فأومت برأسها، فأُخذ اليهودي فاعترف، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يرض رأسه بالحجارة) ].

    قوله: [ باب: يقاد من القاتل ].

    هذه ترجمة لهذا الباب، وقد جاء في بعض النسخ: [ باب يقاد من القاتل بحجر أو غيره أو نحوه ].

    والمقصود من ذلك هو قتل القاتل بمثل ما قتل به، وليس المقصود من ذلك إثبات القود، فالقود ثابت وإنما المقصود القود بالمماثلة.

    وقد اختلف العلماء في ذلك، فذهب الجمهور إلى أنه يقتل بمثل ما قتل به، إلا أن يكون ذلك الذي قتل به أمراً محرماً لا يجوز فعله، كإسقاء الخمر، أو فعل الفاحشة؛ فإنه لا يقاد بالطريقة المحرمة وإنما يقاد بالسيف في مثل ذلك، وأما إذا كان رضه بحجارة أو ألقاه من شاهق أو سقاه سماً، أو غير ذلك من الأسباب التي يمكن المماثلة فيها وليست محرمة، فإنه يقاد بهذه الطريقة.

    وذهب بعض أهل العلم إلى أن كل قتل إنما يقاد بالسيف، ولكن الأحاديث التي وردت في هذا الباب دالة على أنه يقتل بمثل ما قتل به، وأن الطريقة التي قتل بها يقتل بها، ولا يقال: إن هذا فيه مثلة؛ لأن هذا التمثيل فيما يحصل ابتداء، أما إذا كان من باب العقوبة ومن باب المقابلة فهذا سائغ وجائز، ولكن يستثنى من ذلك ما أشرت إليه، وهو إذا كان الفعل محرماً فلا يجوز فعله ابتداء ولا انتهاء.

    قوله: [ (أن جارية وجدت قد رض رأسها) ].

    يعني: أن جارية وجد رأسها قد رض بين حجرين، وكان بها رمق -أي: بقية حياة- فكانوا يسألونها: من فعل بك هذا؟ فلان؟ ممن هم متهمون، وهي تومئ برأسها: أن لا، ولما عرضوا عليها اسم من باشر قتلها أشارت: أن نعم، وعند ذلك أحضروه فاعترف فرض رأسه بين حجرين.

    وهذا السؤال لا يعتبر بينة، ولكنه يعتبر قرينة وحصراً للتهمة في جهة معينة، بدلاً من أن تكون موزعة ومنتشرة فإنها تحصر التهمة في جهة معينة، فلما انحصرت التهمة به سألوه فاعترف فقتل باعترافه، أما مجرد دعوى من يدعي بأن فلاناً قتله وليس هناك بينة فإنه لا يصار إلى ذلك، ولكن العمل إنما هو بالاعتراف الذي حصل من الجاني.

    وفيه أن الرجل يقتل بالمرأة، أما الدية فتختلف دية المرأة عن الرجل، فدية المرأة على النصف من دية الرجل، كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أن جارية وجدت قد رض رأسها بين حجرين)

    قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ].

    هو محمد بن كثير العبدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة .

    [ أخبرنا همام ].

    هو همام بن يحيى العوذي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة .

    [ عن قتادة ].

    هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة .

    [ عن أنس ].

    أنس رضي الله عنه خادم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    وهذا الإسناد من الرباعيات التي هي أعلى الأسانيد عند أبي داود .

    شرح حديث: (أن يهودياً قتل جارية من الأنصار على حلي لها ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس رضي الله عنه (أن يهودياً قتل جارية من الأنصار على حلي لها، ثم ألقاها في قليب ورضخ رأسها بالحجارة، فأخذ، فأتي به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأمر به أن يرجم حتى يموت، فرجم حتى مات) ].

    أورد أبو داود حديث أنس بن مالك من طريق أخرى، وفيه: أنه قتلها من أجل حلي أخذه منها، فقتلها حتى لا يعلم به، وألقاها في بئر ورمى عليها بالحجارة، فالرسول صلى الله عليه وسلم طلبه وأمر بأن يرمى بالحجارة حتى يموت.

    والمقصود من ذلك أنه قتل مماثلة؛ لأنه قتل بالحجارة فيقتل كذلك بالحجارة، وقد جاء أنه رض رأسه بين حجرين، فيكون معناه: أن الحجر الأعلى رمي به عدة مرات.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أن يهودياً قتل جارية من الأنصار على حلي لها ...)

    قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ].

    هو أحمد بن صالح المصري ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.

    [ حدثنا عبد الرزاق ].

    هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني وقد مر ذكره.

    [ عن معمر عن أيوب ].

    معمر مر ذكره، وأيوب بن أبي تميمة السختياني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن أبي قلابة ].

    هو عبد الله بن زيد الجرمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن أنس ].

    أنس مر ذكره.

    [ قال أبو داود : رواه ابن جريج عن أيوب نحوه ].

    ابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث: (أن جارية كان عليها أوضاح لها فرضخ رأسها يهودي بحجر ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا ابن إدريس عن شعبة عن هشام بن زيد عن جده أنس رضي الله عنه: (أن جارية كان عليها أوضاح لها، فرضخ رأسها يهودي بحجر، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبها رمق، فقال لها: من قتلك؟ فلان قتلك؟ فقالت: لا، برأسها، قال: من قتلك؟ فلان قتلك؟ قالت: لا، برأسها، قال: فلان قتلك؟ قالت: نعم، برأسها، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقتل بين حجرين) ].

    أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: [ (أن جارية كان عليها أوضاح لها) ].

    الأوضاح هي حلي، قيل: إنه من الفضة؛ لأنه وضحه البياض.

    قوله: [ (فرضخ رأسها يهودي بحجر، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبها رمق) ].

    يعني: دخل عليها رسول الله عليه الصلاة والسلام وبها رمق فسألها، والظاهر أنها أخرجت من القليب وبها حياة.

    [ (فقال لها: من قتلك؟ فلان قتلك؟) ]

    هنا أطلق القتل على من لم يمت بالفعل، ولكنه وجدت أسبابه، كما أن الموت يذكر ويطلق على من قاربه، كما جاء في حديث: (لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، فإنه من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة) فأطلق الموت على من لم يمت؛ لأنه على وشك الموت، وهنا أطلق القتل على من من حصلت به أسباب القتل.

    فهو سألها: من قتلك؟ فلان فلان؟ حتى أشارت إلى الشخص الذي قتلها، فأتي به فرمي بحجر حتى مات.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أن جارية كان عليها أوضاح لها فرضخ رأسها يهودي بحجر...)

    قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ].

    عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.

    [ حدثنا ابن إدريس ].

    هو عبد الله بن إدريس وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن شعبة ].

    هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن هشام بن زيد ].

    هو هشام بن زيد بن أنس وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن جده أنس ]

    أنس بن مالك رضي الله عنه قد مر ذكره.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088540896

    عدد مرات الحفظ

    777219499