حدثنا الحسن بن علي حدثنا زيد بن الحباب حدثني فليح بن سليمان حدثني عثمان بن عبد الرحمن التيمي أنه قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة إذا مالت الشمس) ].
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب في وقت الجمعة ] أي: في بيان وقت الجمعة، ووقت الجمعة هو إذا زالت الشمس، فبعد الزوال هو وقت صلاة الظهر، ويجوز أن تؤدى الصلاة قبل الزوال، لكن الأولى أن تكون بعد الزوال؛ للأحاديث الكثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي إذا مالت الشمس وإذا زالت الشمس، وقد جاءت بعض الأحاديث فيها ما يدل على فعلها قبل زوال الشمس، ولكن كونها يؤتى بها بعد الزوال هو الأولى؛ لأن الذين لا يلزمهم حضور الجمعة ليس عليهم إلا الظهر، فإذا أتي بالجمعة في وقت الظهر بعد الزوال فلا يكون هناك محذور في أن يحصل تشويش ويحصل أن بعض الناس يصلي في بيته قبل الزوال؛ لأن الأذان وجد قبل الزوال، فإذا كانت الصلاة بعد الزوال فيؤمن على من كان في البيوت من أن يصلوا قبل دخول وقت صلاة الظهر، والظهر لا يبدأ وقتها إلا بعد الزوال، فالنساء لا تجب عليهن الجمعة، ويجب عليهن أداء صلاة الظهر، والظهر لا يجوز إتيانها إلا بعد الزوال، وعلى هذا فإن وقت صلاة الجمعة وقت الظهر، ولكنه يجوز فعلها قبل الزوال؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث ما يدل على ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأورد أبو داود رحمه الله حديث أنس بن مالك قال: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة إذا مالت الشمس) ] يعني: إذا زالت الشمس.
وقوله: [ (كان) ] في الغالب أنها تفيد الاستمرار، ولكنه قد تأتي هذه الصيغة لغير الاستمرار، ولكنه يستدل بها على المداومة وعلى الكثرة، ولكن قد تأتي للمرة الواحدة، وقد تأتي للقلة، ومن ذلك حديث عائشة رضي الله عنها الذي قالت فيه: (كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت) وهو صلى الله عليه وسلم لم يحج إلا مرة واحدة في حجة الوداع في السنة العاشرة ومع ذلك عبرت عائشة رضي الله عنها بقولها: (كنت) فهذا يدل على أن (كان) قد تأتي أحياناً لغير الاستمرار، لكن الغالب فيها أنها للاستمرار، فقوله هنا: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة إذا مالت الشمس) ] يفيد كثرة الإتيان بالصلاة في ذلك الوقت.
هو الحسن بن علي الحلواني، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .
[ حدثنا زيد بن الحباب ].
زيد بن الحباب ثقة أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
[ حدثني فليح بن سليمان ].
فليح بن سليمان صدوق كثير الخطأ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني عثمان بن عبد الرحمن التيمي ].
عثمان بن عبد الرحمن التيمي ثقة أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي .
[ سمعت أنس بن مالك ].
هو أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم.
أورد أبو داود رضي الله عنه حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: [ (كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان فيء) ] يعني: ليس لها ظل، لكن جاء عن سلمة بن الأكوع في الصحيحين أنه قال: (كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس للحيطان ظل يستظل به) فقوله هنا: (وليس للحيطان فيء) أي: يستظل به كما جاء ذلك مبيناً في الروايات؛ لأن نفي الفيء نفي لأصله، وأنه ما وجد الزوال، ومعنى هذا أن تكون الصلاة قبل الزوال، ولكن نفس حديث سلمة جاء في الصحيحين بلفظ: (وليس للحيطان ظل يستظل به) فالنفي إنما هو للقيد الذي هو يستظل به، وليس نفياً لأصل الظل، بل الظل موجود ولكنه قليل لا يستظل به الماشي؛ لأنه لم يمتد ولم يكثر، فالنفي هنا محمول على الرواية الأخرى التي فيها أن النفي هو للفيء الذي يستظل به، فهو للقيد الذي هو يستظل به، وليس للمقيد الذي هو أصل الظل، فالظل أصله موجود، ولهذا جاء في بعض الروايات: (نتتبع الفيء) ومعناه أنهم كانوا يتتبعون الظل القليل الموجود، وهذا معناه أنه يوجد ظل.
هو أحمد بن عبد الله بن يونس الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو الذي أطلق عليه الإمام أحمد : شيخ الإسلام.
[ حدثنا يعلى بن الحارث ].
يعلى بن الحارث ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ سمعت إياس بن سلمة بن الأكوع يحدث عن أبيه ].
إياس بن سلمة بن الأكوع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وأبوه سلمة بن الأكوع رضي الله عنه صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أنه قال: [ كنا نقيل ونغتدى بعد الجمعة ] ومعناه أنهم كانوا يبكرون إلى الصلاة، وكان ذلك قبل الغداء والقيلولة، فكانوا يوم الجمعة يبكرون إلى الصلاة، ولا يقيلون إلا بعد الجمعة، لأنهم يوم الجمعة يبكرون للصلاة، فيأتون لها في وقت مبكر، فيكونون في المسجد، فلا يتمكنون من الغداء ولا من القيلولة إلا بعد الصلاة، ومعنى هذا أن يوم الجمعة يختلف عن غيره.
ومناسبة الحديث للباب أن الصلاة كانت تحصل بعد الزوال، وكانوا قبل ذلك في انتظار الصلاة، وبعد الصلاة يخرجون ويحصل منهم القيلولة والغداء بخلاف بقية الأيام التي كانوا يتغدون فيها ويقيلون قبل الزوال.
هو محمد بن كثير العبدي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا سفيان ].
هو سفيان الثوري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي حازم ].
أبو حازم هو سلمة بن دينار ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سهل بن سعد الساعدي ].
هو سهل بن سعد الساعدي أبو العباس رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وهذا الإسناد من الأسانيد الرباعية التي هي أعلى ما يكون عند أبي داود ، حيث يوجد أربعة أشخاص بين أبي داود وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود ، وليس عند أبي داود ثلاثيات.
حدثنا محمد بن سلمة المرادي حدثنا ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني السائب بن يزيد رضي الله عنه: (أن الأذان كان أوله حين يجلس الإمام على المنبر يوم الجمعة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم و
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي [ باب النداء يوم الجمعة ] أي: الأذان للجمعة، والنداء هو الأذان كما في حديث: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول) ويقال له: النداء لأنه نداء للصلاة بقول: (حي على الصلاة، حي على الفلاح) أي: تعالوا وهلموا وأقبلوا، فالأذان نداء للناس لأن يحضروا لأداء الصلاة، و(حي على الصلاة حي على الفلاح) نداء وطلب منهم أن يحضروا وأن يتوجهوا إلى المساجد للإتيان بالصلوات التي فرضها الله عز وجل.
والجمعة كغيرها ليس لها إلا أذان واحد، وكان الأذان عندما يجلس الإمام على المنبر، ثم يخطب خطبتين، وعند فراغهما تكون الإقامة والصلاة، وقد أطلق على الإقامة أذان، ولهذا أورد أبو داود رحمه الله حديث السائب بن يزيد رضي الله تعالى عنه: [ أن الأذان كان أوله حين يجلس الإمام على المنبر ] يعني: عندما يأتي ويجلس على المنبر يكون الأذان، وبعد فراغ الأذان يقوم الإمام لإلقاء الخطبة، فكان الأذان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما عندما يجلس الخطيب على المنبر، ثم بعد الفراغ من الخطبتين تأتي الإقامة التي هي أذان.
قال: فلما كان زمان عثمان وكثر الناس أمر بالأذان الثالث، وسمي ثالثاً باعتبار أن الإقامة أذان؛ لأن الإقامة قبلها الأذان عند جلوس الخطيب على المنبر ثم الأذان الثالث الذي زاده عثمان ، فسمي ثالثاً باعتبار الزيادة، وهو الأول من حيث الوقوع، ولكنه ثالث من حيث الزيادة، فتوجد إقامة، وقبل الإقامة أذان، وهو الذي يكون عند جلوس الخطيب على المنبر، وقبل هذا الأذان الأذان الذي جاء به عثمان ، فهو ثالث باعتبار الزيادة ولكنه أول من حيث الوقوع، الإقامة تسمى أذاناً لأنها إعلام بالقيام إلى الصلاة، والأذان هو إعلام بدخول الوقت، والإقامة إعلام الناس بأن يقوموا للصلاة من أماكنهم ليصطفوا.
فـعثمان رضي الله عنه وأرضاه زاد هذا الأذان لما كثر الناس، وكان يؤذن به على الزوراء، وهي دار قيل: إنها كانت في السوق، وقيل: إنها كانت بين المسجد والسوق، وكان المقصود من ذلك أن يترك الناس ما هم عليه من البيع والشراء ويذهبون للاستعداد للجمعة والتهيؤ للجمعة، بأن يغتسلوا ويلبسوا أحسن الثياب ثم يأتوا إلى الجمعة.
وعثمان رضي الله عنه وأرضاه في زمن عمر جاء مرة متأخراً وعمر على المنبر يخطب الناس، فلما دخل عثمان قطع عمر الخطبة وقال له: أي ساعة هذه؟! أي: لماذا جئت متأخراً؟ ! فقال: يا أمير المؤمنين! إنني كنت في بعض شأني، ولما سمعت الأذان ما زدت على أن توضأت وجئت فقال: والوضوء أيضاً؟ ! أي: من غير غسل، فلما كان زمن عثمان رضي الله عنه وأرضاه كثر الناس، فأتى بهذا الأذان، وأقره الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم وما أنكروا عليه، فلهذا قال في هذا الحديث: [ فثبت الأمر على ذلك ]، يعني: على هذه الزيادة التي زادها عثمان ، وهي الأذان الثالث، فالجمعة لها أذانان: الأول: الأذان الذي عند صعود الخطيب على المنبر، والأذان الثاني الذي زاده عثمان رضي الله عنه، والمقصود منه أن يتهيأ الناس للجمعة، وأن يحضروا إليها ويتركوا ما هم فيه من البيع والشراء.
هو محمد بن سلمة المرادي المصري، ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا ابن وهب ].
هو عبد الله بن وهب المصري، ثقة فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن يونس ].
هو يونس بن يزيد الأيلي ثم المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرني السائب بن يزيد ].
السائب بن يزيد رضي الله عنه صحابي صغير، قال: (حج بي أبي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع وعمري سبع سنوات)، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث السائب بن يزيد رضي الله تعالى عنه أنه كان يؤذن للجمعة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان على المنبر عند باب المسجد، ثم ساق الحديث مثل حديث يونس المتقدم الذي يرويه عن ابن شهاب ، ومحمد بن إسحاق يروي عن ابن شهاب في الطريق الثانية، وقد ذكر بعضه، وأحال باقيه على الرواية الأولى التي هي رواية يونس بن يزيد ، وهذا فيه أنه كان الأذان عند باب المسجد، ومن المعلوم أن الأذان المقصود به إعلام الناس بأن يأتوا إلى الصلاة، والله سبحانه وتعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة:9] والمراد الأذان الثاني؛ لأن الأذان الأول إنما وقع في زمن عثمان ، والمقصود منه حضور الناس، ومن المعلوم فيما مضى أن الأذان في المسجد لا يبلغ به الصوت كثيراً، وأما في هذا الزمان فبواسطة أجهزة مكبرات الصوت يبلغ الصوت إلى كل مكان، لكن قبل أن توجد المكبرات كان الأذان داخل المسجد لا يسمعه الناس، فالأذان إنما يكون في مكان عال، إما على سطح المسجد، أو عند باب المسجد، أو في دار قريبة من المسجد كما سبق أن مر في باب الأذان على المنارة، وفيه أنه كان يؤذن على دار امرأة كانت عالية.
والروايات المختلفة ليس فيها ذكر الأذان على باب المسجد، وإنما فيها ذكر الأذان عندما يجلس الرسول صلى الله عليه وسلم على المنبر، ولهذا فإن الشيخ الألباني رحمه الله ضعف هذه الرواية فقال: (إنها منكرة) وذلك لأنها من رواية محمد بن إسحاق، وقد روى بالعنعنة، وغيره لم يذكر هذا الذي ذكره محمد بن إسحاق ، لكن الأذان لا يكون داخل المسجد؛ لأن المقصود منه إعلام الناس بأن يأتوا، والأذان داخل المسجد لا يحصل به إبلاغ الناس، فلا يخرج الصوت إلى الناس إذا كان المؤذن داخل المسجد.
هو عبد الله بن محمد النفيلي ، ثقة أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا محمد بن سلمة ].
هو محمد بن سلمة الباهلي، وهو ثقة أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن محمد بن إسحاق ].
هو محمد بن إسحاق المدني، وهو صدوق أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن الزهري عن السائب بن يزيد ].
قد مر ذكرهما، والزهري من صغار التابعين، والسائب بن يزيد من صغار الصحابة، وصغار التابعين يروون عن صغار الصحابة؛ لأن صغار التابعين أدركوا صغار الصحابة، والسائب بن يزيد صحابي صغير، قال: (حج بي أبي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع وعمري سبع سنوات).
أورد أبو داود حديث السائب بن يزيد : [ (لم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مؤذن واحد بلال) ]، ثم ذكر معنى الحديث المتقدم، وأنه كان يؤذن عندما يصعد النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر يوم الجمعة عند دخول الوقت.
هو هناد بن السري أبو السري، ثقة أخرج حديثه البخاري في: (خلق أفعال العباد) ومسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا عبدة ].
هو عبدة بن شريان، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد -يعني ابن إسحاق - عن الزهري عن السائب ].
قد مر ذكر الثلاثة.
أورد المصنف حديث السائب بن يزيد من طريق أخرى، وهو مثل الرواية السابقة التي قبله، وساق الحديث وليس كاملاً كالذي تقدم.
قوله: [ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ].
هو محمد بن يحيى بن فارس الذهلي ، ثقة أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ].
يعقوب بن إبراهيم بن سعد ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبي ].
هو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن صالح ].
هو صالح بن كيسان ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد ].
مر ذكرهما.
حدثنا يعقوب بن كعب الأنطاكي حدثنا مخلد بن يزيد حدثنا ابن جريج عن عطاء عن جابر رضي الله عنه أنه قال: لما استوى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة قال: (اجلسوا، فسمع ذلك
قال أبو داود : هذا يعرف مرسلاً، إنما رواه الناس عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومخلد هو شيخ ].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة: [ باب الإمام يكلم الرجل في خطبته ] يعني أن الخطيب له أن يكلم أحد الناس في خطبته، ولا مانع من ذلك، وأيضاً لا مانع من أن يكلم أحد الناس الخطيب كما في قصة الذي دخل المسجد والرسول صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: (يا رسول الله! هلكت الأموال، ادع الله أن يغيثنا) فمخاطبة الإمام وقت الخطبة لا بأس به؛ لأن المحذور هو الكلام والخطيب يخطب؛ لأن هذا فيه تشاغل عن الخطبة، وأما كون الخطيب يكلم أحداً من الناس أو أحدهم يكلم الخطيب فلا مانع منه، وقد جاء في السنة ما يدل عليه، وقد جاء في ذلك أحاديث منها هذا الحديث الذي أورده أبو داود عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان على المنبر يوم الجمعة فقال: [ (اجلسوا) ] وكان ابن مسعود رضي الله عنه بالباب، فلما سمع ذلك جلس في مكانه، أي: مبادرةً إلى امتثال أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، فرآه رسول الله فقال: [ (تعال يا ابن مسعود وهذا مخاطبة منه لـعبد الله بن مسعود حيث طلب منه أن يأتي.
وهذا الصنيع من عبد الله بن مسعود يدل على فضله ونبله، وعلى مبادرته لامتثال أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، ويدلنا على ما كان عليه أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام ورضي الله تعالى عنهم وأرضاهم من المبادرة إلى الاستسلام والانقياد لما جاء عن الرسول الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
ومحل الشاهد منه كون الرسول صلى الله عليه وسلم قال في أثناء الخطبة: [ (تعال يا عبد الله بن مسعود) ] ففيه أن الإمام له أن يكلم أحداً من الناس أثناء الخطبة، وقد جاء في ذلك أحاديث كثيرة، ومنها الحديث الذي سيأتي وهو حديث الرجل الذي دخل يوم الجمعة المسجد فجلس ولم يصل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا فلان! أصليت ركعتين؟ قال: لا، قال: صل ركعتين وتجوز فيهما) فهذا كلام من الخطيب لأحد الناس، وكذلك الرجل الذي جاء يتخطى رقاب الناس فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: (اجلس فقد آذيت) فحصول الكلام من الخطيب لبعض الناس جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلام غيره معه أيضاً جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في قصة الرجل الذي طلب من النبي صلى الله عليه وسلم، أن يستغيث وأن يدعو الله للناس بأن يغيثهم وينزل عليهم المطر.
يعقوب بن كعب الأنطاكي ثقة أخرج حديثه أبو داود وحده.
[ عن مخلد بن يزيد ].
هو مخلد بن يزيد الجزري الحراني، صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ حدثنا ابن جريج ].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عطاء ].
هو عطاء بن أبي رباح المكي، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جابر ].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه تعالى عنهما صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: [ قال أبو داود : هذا يعرف مرسلاً، إنما رواه الناس عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ].
يعني أن التابعي أضاف الحديث إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا هو المرسل، فغير مخلد بن يزيد رووه مرسلاً، وأما مخلد بن يزيد فقد رواه متصلاً عن جابر ، وذلك لا يؤثر؛ لأن مخلداً احتج به البخاري ومسلم ، وأيضاً جاءت أحاديث تدل على ما دل عليه هذا الحديث من كون الإمام يكلم الرجل وهو في خطبته.
وقوله: [ ومخلد شيخ ].
كلمة [ شيخ ] هذه تعني أنه ضعيف يكتب حديثه ويعتضد به، أي: يستأنس به، ولكن البخاري ومسلماً خرجا أحاديثه وكذلك غيرهما، فلا يؤثر فيه مثل هذه الكلمة من أبي داود ، على أن الذي جاء في هذا الحديث هو ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث أخرى كالأحاديث التي أشرت إليها.
حدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا عبد الوهاب -يعني ابن عطاء - عن العمري عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين، كان يجلس إذا صعد المنبر حتى يفرغ -أراه قال: المؤذن- ثم يقوم فيخطب، ثم يجلس فلا يتكلم، ثم يقوم فيخطب) ].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: [ باب الجلوس إذا صعد المنبر ] يعني أن الإمام إذا صعد المنبر يجلس عليه ويأخذ المؤذن في الأذان، وإذا فرغ المؤذن من الأذان قام وبدأ بالخطبة، ففيه إثبات الجلوس قبل الخطبة الأولى إلى الفراغ من الأذان، ثم الجلوس بين الخطبتين يفصل بينهما كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمقصود من الترجمة جلوس الإمام إذا صعد المنبر إلى أن يفرغ المؤذن من الأذان، وبعد فراغ المؤذن يبدأ الخطيب في الخطبة.
وأورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر جلس حتى يفرغ -أراه قال: المؤذن- ثم يقوم ويخطب، ثم يجلس، ثم يقوم ويخطب) ]، وعلى هذا فالذي ترجم له المصنف -وهو الجلوس عند الصعود على المنبر- فعله رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأن الخطيب عندما يصعد يجلس ولا يبقى قائماً؛ لأن بقاءه قائماً يترتب عليه طول قيامه بدون فائدة، وفيه ضرر عليه، فالسنة هي الجلوس، وقد جاء الجلوس في هذا الحديث وغيره من الأحاديث التي مر بنا بعضها، مثل حديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يجلس على المنبر ويأخذ المؤذن في الأذان، وفيه زيادة أذان عثمان رضي الله عنه الثالث، وكذلك غيره من الأحاديث.
وهذا الحديث في إسناده رجل متكلم فيه، وهو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر العمري المكبر، وهو غير أخيه عبيد الله الذي يروي كثيراً عن نافع ، والمصغر عبيد الله ثقة، والمكبر عبد الله ضعيف، والذي في هذا الإسناد هو الضعيف، ولكن جاء في أحاديث عديدة جلوس الرسول صلى الله عليه وسلم على المنبر إذا صعد، وكان إذا صعد على المنبر سلم ثم جلس.
محمد بن سليمان الأنباري صدوق أخرج حديثه أبو داود وحده.
[ حدثنا عبد الوهاب -يعني ابن عطاء- ].
عبد الوهاب بن عطاء صدوق ربما أخطأ، أخرج حديثه البخاري في (خلق أفعال العباد) ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن العمري ].
هو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر العمري المكبر، وهو ضعيف، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن.
[ عن نافع ].
هو نافع مولى ابن عمر ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا النفيلي عبد الله بن محمد حدثنا زهير عن سماك عن جابر بن سمرة رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائماً ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائماً، فمن حدثك أنه كان يخطب جالساً فقد كذب، فقد -والله- صليت معه أكثر من ألفي صلاة) ].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة: [ باب الخطبة قائماً ] يعني أن الخطيب يخطب قائماً ولا يخطب جالساً، وخطبة الخطيب عن قيام جاءت بها السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو الأولى من جهة أنه إذا كان قائماً يراه الناس بخلاف ما إذا كان جالساً فإنه لا يرى كما يرى وهو قائم، فالرسول عليه الصلاة والسلام كان هديه أنه يخطب قائماً.
وأورد أبو داود رحمه الله حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: [ (كان يخطب قائماً ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائماً) ] وهذا معناه أن الخطبتين كل منهما تكون عن قيام، قال: [ (فمن حدثك أنه كان يخطب جالساً فقد كذب، فقد -والله- صليت معه أكثر من ألفي صلاة) ] والمقصود من ذلك الصلوات كلها، وليس الجمع، ومعناه أنه كان ملازماً للنبي صلى الله عليه وسلم، ويصلي معه كثيراً الجمع وغير الجمع.
والمقصود من ذلك أن يبين أنه على علم تام بفعله صلى الله عليه وسلم، وأنه كان يصلي معه صلوات الجمعة وغير الجمعة، وأنه صلى معه أكثر من هذا المقدار من الصلوات.
النفيلي مر ذكره، وزهير ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سماك ].
هو سماك بن حرب، صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن جابر بن سمرة ].
جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
الحديث السابق رباعي من الرباعيات عند أبي داود ، وكذلك هذا الحديث أيضاً من الرباعيات، وإبراهيم بن موسى وعثمان بن أبي شيبة في طبقة واحدة من شيوخ أبي داود ، فهما من الأحاديث الرباعية.
قوله: [ (كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم خطبتان كان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكر الناس) ] محل الشاهد من الحديث قوله: [ يجلس بينهما ]، ومعناه أنه كان قائماً في الخطبتين، ولو كانت الخطبة عن جلوس لما قال: [ كان يجلس بينهما ].
وقوله: [ (يقرأ القرآن ويذكر الناس) ] يعني: في الخطبة، وليس المقصود بين الخطبتين، وهذا فيه بيان ما تشتمل عليه الخطبة، وأنها تشتمل على تذكير الناس، وعلى وعظ الناس، وتبيين الأحكام الشرعية للناس، وعلى قراءة القرآن في الخطبة؛ لأن فيها تذكيراً، لاسيما سورة ق، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقرؤها على المنبر؛ لكونها مشتملة على مواعظ وعبر.
إبراهيم بن موسى ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وعثمان بن أبي شيبة ].
عثمان بن أبي شيبة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ المعنى ].
يعني أن الروايتين متفقتان في المعنى مع الاختلاف في الألفاظ.
[ عن أبي الأحوص ].
أبو الأحوص هو سلام بن سليم الحنفي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وإذا جاء أبو الأحوص في طبقة شيوخ شيوخ أبي داود فهو سلام بن سليم ، وأما إذا جاء في طبقة التابعين فهو عوف بن مالك.
[ حدثنا سماك عن جابر بن سمرة ].
مر ذكرهما.
أورد أبو داود حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه من طريق أخرى، وهو مثل الحديث السابق.
الجواب: بل تشتمل الخطبة على العربية وعلى غير العربية، فيستفيد من يفهم العربية ومن لا يفهم العربية.
الجواب: هذه الخطبة تكون قبل الصلاة، والتحلق قبل الصلاة جاء النهي عنه، ثم الإتيان بالترجمة قبل الصلاة لا يحصل لكل أحد؛ لأن الناس لا يكونون حاضرين كلهم، فإن الناس يحضرون شيئاً فشيئاً، والذي يبدو أن هذا داخل في ضمن النهي عن التحلق قبل الصلاة، والذي ينبغي أن يأتي بالخطبة بعضها بالعربية وبعضها بغير العربية.
الجواب: يخطب الخطيب بالعربية ويكون الكلام الكثير والتوضيح بغير العربية، أما جعلها كلها بالأعجمية من أولها إلى آخرها فلا يصلح هذا.
الجواب: له ذلك إذا كان المطار خارج البلد، أما إذا كان المطار في البلد فليس له أن يجمع؛ لأن الإنسان لا يأتي بأحكام السفر إلا إذا فارق البنيان، ولا يترخص برخص السفر إلا إذا فارق البنيان، فإذا كان المطار خارج البلد فله أن يجمع، وإذا كان داخل البلد فليس له أن يجمع.
أما إذا كانت المنطقة التي سيصل إليها هي بلدته فليس له أن يجمع ما دام أنه سيصل قبل العصر، لكن يصلي الظهر في المكان الذي هو فيه، ثم إذا وصل ودخل عليه وقت العصر فإنها يصليها في وقتها، ولا يتعذر بأنه سيصل متعباً، فإذا سمع (حي على الصلاة حي على الفلاح)، فليجب.
الجواب: نعم لك أن تعتمر عنها، فالميت يشرع أن يعتمر عنه ويحج عنه.
الجواب: لا تكون محرماً له، ولكن بنته تكون محرماً له، فبنت الربيب هي ربيبة، فلا تحل للزوج بنت ابن زوجته؛ لأنها تعتبر من بنات زوجته، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (لا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن)، وأما زوجة الربيب فهي أجنبية منه.
الجواب: الواجب تنبيههم على أن يبتعدوا عن البدع، ويتركوا الأمور المحرمة، وعلى الإنسان أن لا يأكل من الطعام الذي صنع لأمور مبتدعة ولأمور محرمة.
الجواب: الواجب عليه أنه يتفق مع الجهة التي يعمل فيها على أن يمكن من الصلوات؛ لأن هذا العمل ليس مثل عمل الحارس الذي يمكن أن يعذر في ترك الجمعة والجماعة، ولا شك في أن الإنسان إذا حرص على أن يتقي الله وأن يؤدي ما أوجبه الله عليه، وبذل ما يستطيع فإن الأمور تيسر له بإذن الله، ولكن بعض الناس يتهاونون ويتكاسلون ولا يهتمون ولا يحرصون، وإلا فإذا وجد منهم الحرص فإن هذا يكون دليلاً على نيتهم الصالحة، فيحرص أصحاب المصنع على الإبقاء عليهم؛ لأن من يكون أميناً فيما بينه وبين الله فإنه يكون أميناً فيما بينه وبين الناس، ويستدل على أمانته بتمسكه بدينه وقيامه بما يجب عليه.
الجواب: يجب أن يصلي الفجر في الطائرة ما دام أن الوقت سيخرج وهو في الطائرة، ولا يؤخر الفجر، فيصلي في أي مكان يمكنه أن يستقبل فيه القبلة ويصلي ويركع ويسجد، وإذا كان لا يوجد مكان مناسب فينبغي أن يصلي على حسب حاله، لكنه إذا وجد مكاناً مناسباً فيجب عليه أن ينتقل من مكانه، ويصلي في ذلك المكان الذي يتمكن فيه من الركوع والسجود والقيام والقعود.
ويتجه للقبلة، وإذا سارت به الطائرة ناحية المغرب فيصلي ويتجه إلى خلف الطائرة؛ لأن القبلة ستكون خلفه ما دام أنه مسافر إلى المغرب من جدة.
الجواب: الذي يبدو أنه ينتظر ثم بعد ذلك يصلي ركعتين يتجوز فيهما.
الجواب: احرص على إرضائه واسترضائه وتطييب خاطره، والاعتذار له بالعذر المناسب، وأن تتلطف معه، وتحسن إليه.
الجواب: الأذان كان على الزوراء عند السوق، والمقصود من هذا الأذان هو إعلام الناس بأن الوقت قد قرب حتى يستعدوا لصلاة الجمعة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر