إسلام ويب

شرح سنن أبي داود [226]للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إذا وصل الحاج إلى مزدلفة فإنه يصلي المغرب والعشاء جمعاً، فإن وصل في وقت المغرب صلاهما جمع تقديم، وإن وصل في وقت العشاء صلاهما جمع تأخير، ولا يبدأ بأي عمل قبل الصلاة، فإذا صلى بات بها إلى أن يصلي الفجر ثم ينتظر حتى يسفر جداً ثم يدفع، ويجوز للضعفة من النساء والصبيان ونحوهم أن يتعجلوا فيدفعوا من مزدلفة آخر الليل قبل الفجر.

    شرح حديث: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعاً)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الصلاة بجمع.

    حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعاً) ].

    قوله: [ باب الصلاة بجمع ].

    أي: يجمع بين صلاة المغرب والعشاء بالمزدلفة ليلة يوم النحر؛ لأن الإنسان يدفع من عرفة إذا غابت الشمس ولا يصلي بعرفة المغرب والعشاء ولا بالطريق، وإنما يستمر في السير حتى يصل المزدلفة ويصلي بها المغرب والعشاء جميعاً.

    لكن إذا تأخر الإنسان في السير أو حصل له مانع يمنعه من الوصول إلى مزدلفة قبل نصف الليل، فإنه يصلي المغرب والعشاء قبل منتصف الليل في الطريق؛ لأن الصلاة لا تؤخر عن وقتها، والإنسان إذا مشى من عرفة إلى مزدلفة فإن وصل إليها مبكراً في وقت المغرب جمع بين المغرب والعشاء جمع تقديم، وإن لم يصل إليها إلا بعد دخول وقت العشاء فإنه يجمع بين المغرب والعشاء جمع تأخير، وقد جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، كما روى ابن عمر رضي الله تعالى عنهما هذا الحديث: [ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعاً) ] يعني: جمع بينهما، على خلاف ما كان معروفاً عنه في منى، فإنه كان يصلي كل صلاة في وقتها قصراً في الرباعية بدون جمع، وأما في عرفة فيجمع فيها بين الظهر والعصر جمع تقديم في أول الوقت، ويجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة إذا وصل إلى مزدلفة قبل نصف الليل، سواء وصل في وقت المغرب فيكون جمع تقديم، أو وصل في وقت العشاء فيكون جمع تأخير، ويكون ذلك بأذان واحد وإقامتين، كما حصل بالنسبة للظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين.

    فالمقصود من قول أبي داود رحمه الله: [ باب الصلاة بجمع ] يعني: صلاة المغرب والعشاء.

    وأما التطوع والتنفل فلا يشرع في تلك الليلة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام رقد بعد أن جمع بين المغرب والعشاء، ولكن الوتر لا يترك، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يحافظ على الوتر في الحضر والسفر، ولم يكن يحافظ على شيء في الحضر والسفر كما كان يحافظ على ركعتي الفجر والوتر صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعاً)

    قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة ].

    هو عبد الله بن مسلمة القعنبي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.

    [ عن مالك ].

    هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة الإمام المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [ عن ابن شهاب ].

    هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن سالم بن عبد الله ].

    هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن عبد الله بن عمر ].

    هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة وهم: عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير، هؤلاء هم العبادلة الأربعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام الذين اشتهروا بهذا اللقب، وكانوا من صغار الصحابة، وكانوا متقاربين في السن رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وهو أيضاً أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة وابن عمر وابن عباس وأبو سعيد الخدري وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله الأنصاري وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين.

    شرح حديث الجمع بين المغرب والعشاء بمزدلفة وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى:

    [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا حماد بن خالد عن ابن أبي ذئب عن الزهري بإسناده ومعناه وقال: (بإقامة إقامة، جمع بينهما)قال أحمد: قال وكيع: (صلى كل صلاة بإقامة) ].

    أورد حديث ابن عمر من طريق أخرى وفيه زيادة: (بإقامة إقامة) يعني: جعل لكل صلاة إقامة، وأيضاً فيه أذان، كما جاء في بعض الأحاديث وكما جاء في حديث جابر بن عبد الله الذي وصف فيه صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه بأذان وإقامتين، وهنا ذكر الإقامتين، وأن كل صلاة لها إقامة، تقام المغرب وتصلى ثم تقام صلاة العشاء وتصلى، والمغرب تصلى ثلاثاً والعشاء ركعتين؛ لأن الرباعية تقصر.

    قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ].

    هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه المحدث، أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [ حدثنا حماد بن خالد ].

    حماد بن خالد ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

    [ عن ابن أبي ذئب ].

    هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن الزهري ].

    الزهري مر ذكره.

    شرح حديث الجمع بين الصلاتين بجمع وتراجم رجاله

    قال المصنف رحمه الله تعالى:

    [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا شبابة (ح) وحدثنا مخلد بن خالد المعنى، أخبرنا عثمان بن عمر عن ابن أبي ذئب عن الزهري -بإسناد ابن حنبل عن حماد ومعناه- قال: (بإقامة واحدة لكل صلاة، ولم يناد في الأولى، ولم يسبح على إثر واحدة منهما) قال مخلد: (لم يناد في واحدة منهما) ].

    أورد حديث ابن عمر رضي الله عنه وفيه: أنه صلى المغرب والعشاء، وأن كل واحدة منهما بإقامة، وأنه لم يناد لهما، وهذا النفي الذي جاء هنا قد جاء ما يدل على خلافه وهو الإثبات، وهو أنه حصل الأذان ثم الإقامة للمغرب ثم الإقامة للعشاء.

    فالثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه نادى نداء واحداً لكل من الصلاتين.

    قوله: [ (ولم يسبح على إثر واحدة منهما) ] يعني: لم يتنفل بعد المغرب ولم يتنفل بعد العشاء.

    قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ].

    عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي في عمل اليوم والليلة وابن ماجة.

    [ حدثنا شبابة ].

    هو شبابة بن سوار وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ ح وحدثنا مخلد بن خالد ].

    (ح) تعني التحول من إسناد إلى إسناد، ومخلد بن خالد ثقة أخرج له مسلم وأبو داود.

    [ أخبرنا عثمان بن عمر ].

    عثمان بن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن ابن أبي ذئب عن الزهري بإسناد ابن حنبل عن حماد ].

    مر ذكرهم.

    شرح حديث ابن عمر أنه صلى مع رسول الله المغرب والعشاء بمزدلفة بإقامة واحدة

    قال المصنف رحمه الله تعالى:

    [ حدثنا محمد بن كثير حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الله بن مالك قال: (صليت مع ابن عمر رضي الله عنهما المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين، فقال له مالك بن الحارث : ما هذه الصلاة؟ قال: صليتهما مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا المكان بإقامة واحدة) ].

    قوله: [ (صليت مع ابن عمر المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين) ] يعني: جمع بينهما، وكونه صلى المغرب ثلاثاً؛ لأن المغرب لا تقصر، وصلى العشاء ركعتين؛ لأنها رباعية فتقصر.

    قوله: [ (فقال له مالك بن الحارث : ما هذه الصلاة؟ قال: صليتهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المكان بإقامة واحدة) ] إن كان المقصود أنها إقامة واحدة فهذا غير صحيح؛ لأن الذي جاء عنه وعن غيره أنها إقامتان، ويمكن أن يقال: إنها بإقامة واحدة لكل منهما، وبذلك يتفق هذا الحديث مع الروايات السابقة، ومع حديث جابر الذي وصف فيه حجة النبي عليه الصلاة والسلام، وذكر أنه صلى المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين.

    ولما ذكر ابن القيم رحمه الله هذه المسألة -وهي مسألة الأذان الواحد والإقامتين- قال: إن الراجح أنها أذان واحد وإقامتان، وذلك من وجهين:

    الوجه الأول: أن حديث جابر رضي الله عنه جاء مثبتاً للأذان والإقامتين، والأحاديث التي سواه فيها اضطراب، فمرة يقال: إقامة، ومرة يقال: إقامتان، أما حديث جابر فإنه ذكر أنه صلى المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين.

    الوجه الثاني: أن الحكم في صلاة المغرب والعشاء مثل الحكم في صلاة الظهر والعصر، وقد جاءت الأحاديث في صلاته لهما بأذان واحد وإقامتين، إذاً المغرب مع العشاء مثلها.

    إذاً: الأذان الواحد والإقامتان هو القول الراجح؛ لأن حديث جابر ليس فيه اضطراب، ولأن الحكم في صلاة المغرب والعشاء كالحكم في صلاة الظهر والعصر، وقد حصل أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر في أول وقت الظهر بأذان واحد وإقامتين.

    تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر أنه صلى مع رسول الله المغرب والعشاء بمزدلفة بإقامة واحدة

    قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ].

    هو محمد بن كثير العبدي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ حدثنا سفيان ].

    هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن أبي إسحاق ].

    هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن عبد الله بن مالك ].

    عبد الله بن مالك مقبول، أخرج له أبو داود والترمذي.

    [ قال صليت مع ابن عمر ].

    ابن عمر رضي الله تعالى عنهما مر ذكره.

    شرح حديث ابن عمر أنه صلى مع رسول الله المغرب والعشاء بمزدلفة من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا إسحاق -يعني ابن يوسف - عن شريك عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير وعبد الله بن مالك قالا: (صلينا مع ابن عمر رضي الله عنهما بالمزدلفة المغرب والعشاء بإقامة واحدة)فذكر معنى حديث ابن كثير ].

    وهذا مثل الذي قبله، يعني: إقامة واحدة لكل من الصلاتين حتى يكون متفقاً مع الأحاديث الصحيحة الواردة في حصول الإقامة لكل صلاة.

    قوله: [ حدثنا محمد بن سليمان الأنباري ].

    محمد بن سليمان الأنباري صدوق، أخرج له أبو داود وحده.

    [ حدثنا إسحاق يعني ابن يوسف ].

    هو إسحاق بن يوسف الأزرق وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن شريك ].

    هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي ، وهو صدوق يخطئ كثيراً واختلط لما ولي القضاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.

    [ عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير ].

    أبو إسحاق مر ذكره، وسعيد بن جبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    الملقي: [ وعبد الله بن مالك قالا: صلينا مع ابن عمر ].

    عبد الله بن مالك وابن عمر مر ذكرهما.

    شرح حديث ابن عمر أنه صلى مع رسول الله المغرب والعشاء بمزدلفة من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن العلاء حدثنا أبو أسامة عن إسماعيل عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير قال: (أفضنا مع ابن عمر رضي الله عنهما، فلما بلغنا جمعاً صلى بنا المغرب والعشاء بإقامة واحدة، ثلاثاً واثنتين، فلما انصرف قال لنا ابن عمر: هكذا صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله عليه وسلم في هذا المكان) ].

    وهو مثلما تقدم، وفيه ذكر الإقامة، والكلام فيه كالكلام فيما تقدم.

    قوله: [ حدثنا ابن العلاء ].

    هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ حدثنا أبو أسامة ].

    هو حماد بن أسامة البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن إسماعيل ].

    هو إسماعيل بن أبي خالد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عمر ].

    هؤلاء مر ذكرهم.

    شرح حديث ابن عمر أنه صلى مع رسول الله المغرب والعشاء بمزدلفة من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن شعبة حدثني سلمة بن كهيل قال: (رأيت سعيد بن جبير أقام بجمع فصلى المغرب ثلاثاً ثم صلى العشاء ركعتين، ثم قال: شهدت ابن عمر رضي الله عنهما صنع في هذا المكان مثل هذا، وقال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صنع مثل هذا في هذا المكان) ].

    وهو أيضاً مثلما تقدم، وفيه: أنه صلى المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين، وأنه أقام للمغرب ولم يذكر إقامة للعشاء، والكلام فيه كالكلام فيما قبله.

    قوله: [ حدثنا مسدد ].

    هو مسدد بن مسرهد وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.

    [ حدثنا يحيى ].

    هو يحيى بن سعيد القطان وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن شعبة ].

    هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ حدثنى سلمة بن كهيل ].

    سلمة بن كهيل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ رأيت سعيد بن جبير شهدت ابن عمر ].

    سعيد بن جبير وابن عمر مر ذكرهما.

    شرح حديث: (... فلم يكن يفتر من التكبير والتهليل حتى أتينا المزدلفة ) وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا أبو الأحوص حدثنا أشعث بن سليم عن أبيه قال: (أقبلت مع ابن عمر رضي الله عنهما من عرفات إلى المزدلفة، فلم يكن يفتر من التكبير والتهليل حتى أتينا المزدلفة، فأذن وأقام، أو أمر إنساناً فأذن وأقام، فصلى بنا المغرب ثلاث ركعات، ثم التفت إلينا فقال: الصلاة، فصلى بنا العشاء ركعتين، ثم دعا بعشائه، قال: وأخبرني علاج بن عمرو بمثل حديث أبي عن ابن عمر، قال: فقيل لـابن عمر في ذلك، فقال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هكذا) ].

    حديث ابن عمر من طريق أخرى، وفيه ذكر الأذان، وأنه أقام المغرب ثم بعد ذلك قال: الصلاة، وصلى العشاء، لكن المحفوظ أنه بإقامة لكل من الصلاتين.

    قوله: [ (أقبلت مع ابن عمر من عرفات إلى المزدلفة فلم يكن يفتر من التكبير والتهليل) ].

    وهذا يدل على أن الإنسان وهو في طريقه من عرفة إلى مزدلفة يحمد الله ويهلله ويكبره ويلبيه أيضاً؛ لأن التلبية مستمرة إلى حين رمي جمرة العقبة، كل هذا وقت للتلبية، ولكن له أن يجمع بين التكبير والتحميد والتهليل والتلبية.

    قوله: [ حدثنا مسدد ].

    مر ذكره.

    [ حدثنا أبو الأحوص ].

    هو سلام بن سليم الحنفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ حدثنا أشعث بن سليم ].

    أشعث بن سليم هو ابن أبي الشعثاء وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن أبيه ].

    أبوه ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ أقبلت مع ابن عمر ].

    ابن عمر مر ذكره.

    [ قال: وأخبرني علاج بن عمرو بمثل حديث أبي ].

    علاج بن عمرو مقبول أخرج له أبو داود.

    شرح حديث: (ما رأيت رسول الله صلى صلاة إلا لوقتها إلا بجمع..)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد أن عبد الواحد بن زياد وأبا عوانة وأبا معاوية حدثوهم عن الأعمش عن عمارة عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى صلاة إلا لوقتها إلا بجمع، فإنه جمع بين المغرب والعشاء بجمع، وصلى صلاة الصبح من الغد قبل وقتها) ].

    قوله: [ (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة إلا لوقتها إلا بجمع، فإنه جمع بين المغرب والعشاء بجمع) هذا النفي ليس على إطلاقه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع بعرفة قبل ذلك، وكذلك فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمع في السفر، وأما في الحج فما جمع إلا في عرفة والمزدلفة، وكان يجمع إذا جد به السير، وقد جمع وهو مقيم، كما حصل ذلك في تبوك حيث كان نازلاً وصلى جامعاً بين الصلاتين؛ ليبين أن ذلك جائز للمسافر حتى ولو كان مقيماً، ولكن الأولى ألا يجمع الإنسان إلا في حال كون السير جاداً به.

    إذاً: في هذا الحديث إثبات الجمع بين المغرب والعشاء.

    قوله: [ (وصلى صلاة الصبح من الغد قبل وقتها) ] يعني: قبل وقتها المعتاد حيث إنه بعد الأذان كان يمكث مدة، وليس معنى ذلك أنه قبل طلوع الفجر، وإنما المقصود منه المبادرة إلى الصلاة بعد طلوع الفجر؛ لأن الناس كانوا موجودين معه فلا حاجة إلى الانتظار، إذاً: معنى قوله: (قبل وقتها) أي: المعتاد الذي هو في داخل الوقت؛ لأنه قبل ذلك يمكث بعد الأذان مدة ينتظر الناس، كما جاء في بعض الأحاديث في السحور في رمضان فقيل له: (تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قام إلى الصلاة، قال: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية)يعني: بمقدار قراءة خمسين آية بين الأذان والإقامة.

    أما قول مسدد: [ حدثوهم ] فمعناه: أنهم حدثوه هو وغيره وليس وحده، وهو الذي يعبرون عنه بأخبرنا وحدثنا.

    تراجم رجال إسناد حديث: (ما رأيت رسول الله صلى صلاة إلا لوقتها إلا بجمع..)

    قوله: [ حدثنا مسدد أن عبد الواحد بن زياد ].

    عبد الواحد بن زياد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ وأبا عوانة ].

    هو الوضاح بن عبد الله اليشكري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ وأبا معاوية ].

    هو محمد بن خازم الضرير الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن الأعمش ].

    هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن عمارة ].

    هو عمارة بن عمير وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن عبد الرحمن بن يزيد ].

    هو عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن ابن مسعود ].

    هو عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث (...هذا قزح وهو الموقف وجمع كلها موقف...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا سفيان عن عبد الرحمن بن عياش عن زيد بن علي عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي رضي الله عنه قال: (فلما أصبح - يعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم - وقف على قزح فقال: هذا قزح وهو الموقف، وجمع كلها موقف، ونحرت هاهنا ومنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم) ].

    في حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه ذكر الصلاة بجمع وهي صلاة الفجر؛ لأن صلاة المغرب والعشاء ما ذكرت في هذا الحديث وإنما ذكرت في الأحاديث السابقة، ولكن الترجمة هنا هي [ الصلاة بجمع ] وهنا صلاة الصبح وهي بجمع.

    قوله: [ (فلما أصبح -يعني النبي عليه الصلاة والسلام- وقف على قزح) ] قزح هو الجبل الذي كان يقف فيه النبي صلى الله عليه وسلم.

    قوله: [ (هذا قزح وهو الموقف، وجمع كلها موقف) ] يعني: ليس الأمر قاصراً على هذه البقعة التي أنا فيها بل جمع كلها موقف، وكذلك قال بعرفة أيضاً كما سبق: (وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف).

    وقال بمنى: [ (نحرت هاهنا ومنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم).

    يعني: انحروا في منازلكم بمنى.

    وقد عرفنا أن الذبح في أي مكان من منى سائغ، ولكن الذبح على وجه يؤذي الناس، وكون الإنسان يذبح الذبيحة ويتركها تنتن ويؤذي الناس بذلك فهذا لا يسوغ ولا يجوز.

    ولا يطلق المشعر الحرام على الجبل الذي هو قزح، وإنما يطلق على مزدلفة كلها أنها المشعر الحرام.

    أما مسألة الذهاب إلى الصخرات والوقوف عندها، والذهاب إلى قزح والوقوف عنده، وسلوك الطريق الوسطى التي تخرج إلى العقبة والمشي فيها، فهذا لا يفعل، وبعض الناس يذهب إلى الجبل الذي يسمى جبل الرحمة، والرسول صلى الله عليه وسلم ما فعل هذا، فعلى الإنسان أن يهون على نفسه ولا يتعب نفسه في الذهاب والإياب في عرفة، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (جمع كلها موقف) ، فما دام أن عرفة كلها موقف وجمع كلها موقف فعلى الإنسان أن يريح نفسه من العناء والتعب والمشقة، وقد يحصل منه أمر لا يصلح، مثلما يحصل من بعض الناس الذين يذهبون في حر الشمس ويصعدون وينزلون في الجبل، وهذا ليس من السنة بل هو خلاف السنة، وشقوا على أنفسهم وأتعبوا أنفسهم.

    أما الوقوف عند الصخرات في سفح الجبل فإنه لا يتيسر لكل أحد أن يأتي إليه، والإنسان إذا تيسر له فلا بأس، لكن لا يفعل المحذور الذي يفعله بعض الناس من الإيذاء بسبب الزحام وغيره، ولكن الحمد لله الأمر فيه سعة، جمع كلها موقف، وعرفة كلها موقف، ومنى كلها منحر والإنسان لا يشق على نفسه.

    تراجم رجال إسناد حديث: (...هذا قزح وهو الموقف وجمع كلها موقف...)

    قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا يحيى بن آدم ].

    يحيى بن آدم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ حدثنا سفيان ].

    هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن عبد الرحمن بن عياش ].

    هو عبد الرحمن بن الحارث بن عياش، وهو مقبول أخرج له أبو داود.

    [ عن زيد بن علي ].

    هو زيد بن علي بن الحسين وهو ثقة، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي في مسند علي وابن ماجة، وهو الذي تنسب إليه الزيدية.

    [ عن أبيه ].

    هو علي بن الحسين وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن عبيد الله بن أبي رافع ].

    عبيد الله بن أبي رافع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن علي ].

    علي رضي الله عنه أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث: (...وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (وقفت هاهنا بعرفة وعرفة كلها موقف، ووقفت هاهنا بجمع وجمع كلها موقف، ونحرت هاهنا ومنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم) ].

    في حديث جابر رضي الله عنه لم يتعرض لذكر الصلاة بجمع، ولكن فيه بيان الموقف في عرفة والمزدلفة، وفيه بيان النحر بمنى.

    تراجم رجال إسناد حديث: (...وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف...)

    قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا حفص بن غياث ].حفص بن غياث ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن جعفر بن محمد ].

    جعفر بن محمد صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن.

    [ عن أبيه ].

    هو محمد بن علي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن جابر ].

    هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    شرح حديث: (... وكل فجاج مكة طريق ومنحر)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا أبو أسامة عن أسامة بن زيد عن عطاء قال: حدثني جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (كل عرفة موقف، وكل منى منحر، وكل المزدلفة موقف، وكل فجاج مكة طريق ومنحر) ].

    قوله: [ (وكل فجاج مكة طريق ومنحر) ] الفجاج: هي المنافذ التي بين الجبال، وكلها طريق، والإنسان له أن يدخل إلى مكة من أي جهة، ولكن المعروف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حيث قدم من المدينة أتى من الثنية العليا وخرج من الثنية السفلى.

    فقوله: [ (وفجاج مكة كلها طريق ومنحر) ] هذا يدل أيضاً على أن الذبح كما يكون بمنى فإنه يكون بمكة، وأنه لا بأس بذلك ولا مانع منه، وإن كان الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو في منى، ولكن من حيث الجواز فهو جائز وسائغ لهذا الحديث وغيره.

    تراجم رجال إسناد حديث: (... وكل فجاج مكة طريق ومنحر)

    قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ].

    هو الحسن بن علي الحلواني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي.

    [ حدثنا أبو أسامة عن أسامة بن زيد ].

    أسامة بن زيد صدوق يهم أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.

    [ عن عطاء ].

    هو عطاء بن أبي رباح المكي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ حدثني جابر بن عبد الله ].

    قد مر ذكره.

    شرح حديث: (كان أهل الجاهلية لا يفيضون حتى يروا الشمس على ثبير...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن كثير حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون أنه قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (كان أهل الجاهلية لا يفيضون حتى يروا الشمس على ثبير، فخالفهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فدفع قبل طلوع الشمس) ].

    في حديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ذكر أن أهل الجاهلية كانوا لا يفيضون من المزدلفة إلى منى إلا عندما يرون الشمس على ثبير، وهو جبل من الجبال العالية هناك، فكانوا إذا رأوا الشمس على ثبير وطلعت الشمس انصرفوا ودفعوا من مزدلفة إلى منى، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم خالفهم فدفع من مزدلفة إلى منى قبل طلوع الشمس.

    وقد جاء في حديث جابر السابق: (حتى أسفر جداً) يعني: أنه اتضح النهار إلا أن الشمس لم تطلع، فهذا يدل على أن الدفع من مزدلفة إلى منى إنما يكون قبل طلوع الشمس.

    تراجم رجال إسناد حديث: (كان أهل الجاهلية لا يفيضون حتى يروا الشمس على ثبير...)

    قوله: [ حدثنا ابن كثير حدثنا سفيان ].

    مر ذكرهما.

    [ عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون ].

    أبو إسحاق مر ذكره، وعمرو بن ميمون ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن عمر بن الخطاب ].

    عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أمير المؤمنين وثاني الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088545456

    عدد مرات الحفظ

    777240273