إسلام ويب

شرح سنن أبي داود [287]للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • بين النبي صلى الله عليه وسلم أحكام وآداب الصيام سواء كان فرضاً أو تطوعاً، ومن هذه الأحكام تبييت النية من قبل الفجر في صيام الفرض، وإذا نوى من أول النهار في التطوع جاز له ذلك، ومن دعي إلى الوليمة وهو صائم فيفعل ما أرشده إليه النبي صلى الله عليه وسلم.

    شرح حديث (أحب الصيام إلى الله تعالى صيام داود)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في صوم يوم وفطر يوم.

    حدثنا أحمد بن حنبل ومحمد بن عيسى ومسدد ، والإخبار في حديث أحمد قالوا: حدثنا سفيان قال: سمعت عمراً قال: أخبرني عمرو بن أوس ، سمعه من عبد الله بن عمرو قال: (قال لي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أحب الصيام إلى الله تعالى صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله تعالى صلاة داود، كان ينام نصفه ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكان يفطر يوماً ويصوم يوماً) ].

    يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب في صوم يوم وفطر يوم ].

    أي: حكم صيام ذلك، وأن ذلك من الأمور المستحبة، وأنه من صيام التطوع السائغ، حيث يكون الإنسان قادراً على ذلك، أما إذا كان يشق عليه فإنه يأتي بما أمكنه الإتيان به دون ذلك، وإذا أتى بثلاثة أيام من كل شهر وحافظ عليها كما أرشد إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الحسنة بعشرة أمثالها، واليوم عن عشرة أيام، ويكون ذلك كصيام الدهر، كما جاءت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وإذا كان يطيق أن يصوم يوماً ويفطر يوماً ولا مشقة عليه، ولا يلحق به ضرر، ولا يحصل بذلك تقصير في واجب وفي أمور أخرى مطلوبة منه فيما يتعلق بحق الله وحقوق الناس، فهذا الصيام هو أحب الصيام إلى الله، كما روى ذلك عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أحب الصيام إلى الله صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود -يعني: صلاة الليل- كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه) يعني: الثلث الذي يسبقه نصف ويعقبه سدس.

    معناه: الخمس الرابع، والخمس الخامس من السدس الرابع، والسدس الخامس من الأسداس الستة، سدس أخير وسدسان قبله، وثلاثة أسداس في الأول، وهذا فيما يتعلق بصلاة الليل (وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً) وقد بين صلى الله عليه وسلم أن هذا أحب الصيام إلى الله، وأن هذه أحب الصلاة إلى الله، وفي هذا إثبات محبة الله عز وجل، وأن الله تعالى متصف بالمحبة، وأن ما يحبه الله يتفاوت، فمنه ما يكون محبوباً، ومنه ما يكون أحب.

    تراجم رجال إسناد حديث (أحب الصيام إلى الله تعالى صيام داود)

    قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ].

    هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ، الإمام الفقيه، المحدث المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [ ومحمد بن عيسى ].

    محمد بن عيسى هو الطباع ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة .

    [ ومسدد ].

    هو مسدد بن مسرهد البصري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

    [ والإخبار في حديث أحمد ].

    يعني: الذي قال: حدثني أو أخبرنا هو عن أحمد ، وأما غيرهم فليس فيه التحديث وإنما هو بـ(عن).

    [ حدثنا سفيان ].

    هو: سفيان بن عيينة المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ سمعت عمراً ].

    هو عمرو بن دينار المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ أخبرني عمرو بن أوس ].

    عمرو بن أوس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ سمعه من عبد الله بن عمرو ].

    هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهم عبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    كيفية معرفة ثلث الليل

    وحساب الليل يكون من بعد صلاة العشاء؛ لأنه ينام نصف الليل يعني: بعد صلاة العشاء، فيحسب من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، فنصفه يكون نوماً، ثم بعد ذلك يكون ثلثه، ويمكن أن يكون المراد منه الغروب، لكن المقصود أن النصف هو ما بعد صلاة العشاء؛ لأن النوم قبل صلاة العشاء جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على كراهيته، فكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها؛ لأن ذلك يؤدي إلى النوم عن صلاة العشاء.

    قوله: [ قالوا: حدثنا سفيان قال: سمعت عمراً قال: أخبرني عمرو بن أوس سمعه من عبد الله بن عمر ].

    إما أن المقصود أن الذي صرح بالتحديث هو أحمد والباقون ما قالوا: حدثنا، أو أن المقصود في رواية سفيان عن عمرو بن دينار حيث أنه صرح بالتحديث بقوله: حدثنا عمرو بن دينار ، فيمكن أن يكون المقصود به؛ لأن سفيان مدلس، ولكن معروف أنه لا يدلس إلا عن ثقات، ويمكن أن يكون المقصود به سفيان، أو أن المراد به روايتهم ولكن المقصود بالإخبار أنه عن أحمد الذي هو الأول: التحديث، والتحديث يقال له: إخبار.

    فوجود كلمة (الإخبار) هنا فيه تصريح بالسماع، وقضية التصريح بالعنعنة لا يؤثر إلا عن المدلس، وأما الذي لا يدلس فعنعنته تكون اتصالاً، ولكن هذا يأتون به من أجل المحافظة على الألفاظ، وبيان من صرح بالتحديث ومن لم يصرح بالتحديث.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088534846

    عدد مرات الحفظ

    777184624