إسلام ويب

شرح سنن أبي داود [309]للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ذكر النبي صلى الله عليه وسلم آداباً وأحكاماً مهمة عند الغزو والجهاد في سبيل الله، وهذه الآداب فيها تعليم لنا في كيفية التعامل مع المدعوين من المشركين وأهل الكتاب، وما هي الخصال التي لابد من البدء بها قبل الملحمة واستعار الحرب، ومن يقتل منهم ومن لا يقتل، وما يفعل معهم إذا حوصروا فطلبوا من الأمير أن ينزلهم على حكم الله عز وجل.. وغير ذلك من الأحكام المهمة كحكم تحريق الأشجار ونحوها للمصلحة، وبث العيون لمعرفة أخبار العدو والاستعداد له.

    شرح حديث (خير الصحابة أربعة...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيما يستحب من الجيوش والرفقاء والسرايا.

    حدثنا زهير بن حرب أبو خيثمة حدثنا وهب بن جرير حدثنا أبي قال: سمعت يونس عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير الصحابة أربعة، وخير السرايا أربعمائة، وخير الجيوش أربعة آلاف، ولن يغلب اثنا عشر ألفاً من قلة) قال أبو داود : والصحيح أنه مرسل ].

    أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي باب فيما يستحب من الجيوش والرفقاء والسرايا. يعني: من حيث العدد، فأورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (خير الصحابة أربعة..) الصحابة: الرفقاء؛ لأن الصحبة بمعنى الرفقة، فهذا هو المطابق للترجمة، فالرفقاء المقصود بهم الصحابة الذين هم أربعة أشخاص.

    وذكر هنا الأربعة مع أنه قد مر في الأحاديث أن أقل الجمع في السفر ثلاثة، وأن الثلاثة ركب، وأنهم يؤمرون واحداً منهم إذا كانوا ثلاثة فأكثر، ولكن هنا ذكر أن خير الرفقاء أربعة، فمعناه: لا يقلون عن أربعة، فلو كانوا خمسة أو ستة فلا بأس بذلك، لكن كونهم ينقصون عن هذا العدد فلا يوصفون بالخيرية، ولعل ذلك أن الأربعة إذا كانوا مع بعض يمكن أن ينفرد كل واحد مع الثاني فيتحدثان، بخلاف ما لو كانوا ثلاثة، فإنه إذا تناجى اثنان دون الثالث فإنه يؤلمه ويحصل له تأثر، وأما إذا كانوا أربعة فلا يوجد إشكال، لكن إذا كانوا ثلاثة فلابد أن يتحدثوا كلهم مع بعض، ولا يتناجى اثنان دون الثالث فإنه قد جاء ما يدل على منعه؛ لأن ذلك يؤلمه ويغضبه.

    ثم أيضاً لو أرادوا أن يقتسموا المهمة بحيث يتعاونون مع بعض، وكل يوكل له مهمة فيكون اثنان مع بعض واثنان مع بعض، بخلاف الثلاثة فإنه لا تكون القسمة متساوية.

    قوله: [ (وخير السرايا أربعمائة) ].

    يعني: يكون عددهم أربعمائة، لا يقلون عن ذلك، مع أن السرية يمكن أن تكون أقل من أربعمائة، ولكن لا تكون خيرة حتى يكون عددها أربعمائة، ولا أدري ما وجه اختيار هذا العدد؟!

    وقيل: لعل ذلك أن أهل بدر كانوا فوق الثلاثمائة، فيكون الكسر مجبوراً على اعتبار أن هذا العدد خرج فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم فوق الثلاثمائة، ولكنهم ما بلغوا الأربعمائة فيكون هناك جبر للكسر.

    على كل: الله تعالى أعلم بوجه اختيار هذا العدد، وكونه خير السرايا.

    والسرية: هي القطعة التي تقتطع من الجيش وترسل في مهمة، ثم تعود إلى الجيش، والجيش عدده كبير فالإمام أو الأمير يختار سرية يسند إليها مهمة تذهب بها، ثم ترجع إلى الجيش الذي هو أصلها.

    قال: [ (وخير الجيوش أربعة آلاف) ].

    قوله: (ولن يغلب اثنا عشر ألفاً من قلة) يعني: كون الغلبة سببها القلة، ولكن قد تكون الغلبة في غير القلة بأن يكون هناك عجب وأمور أخرى يحصل بها الانهزام أو عدم الغلبة، فليس المقصود أنه لا تحصل الصفات الذميمة والأشياء التي قد تكون سبباً في الهزيمة، وإنما المسألة هي مسألة قلة فقط، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (لن يغلب اثنا عشر ألف من قلة).

    تراجم رجال إسناد حديث (خير الصحابة أربعة...)

    قوله: [ حدثنا زهير بن حرب أبو خيثمة ].

    زهير بن حرب أبو خيثمة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

    [ حدثنا وهب بن جرير ].

    وهو وهب بن جرير بن حازم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ حدثنا أبي ].

    جرير بن حازم ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ قال: سمعت يونس عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله ].

    يونس والزهري مر ذكرهما وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين.

    [ عن ابن عباس ].

    عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    ثم قال أبو داود : والصحيح أنه مرسل، والشيخ الألباني صححه وهو مرفوع، ولعله جاء من طرق أخرى مرسلة أي: أن الطريقة المتصلة هي المعتبرة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088530148

    عدد مرات الحفظ

    777154439